شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(فیقول الباطن: لا إذا قال الظاهر: أنا، و یقول الظاهر: لا إذا قال الباطن: أنا، و هذا فی کلّ ضدّ).
أی، إذا قال الاسم الظاهر: «أنا»4 مظهرا أنانیّته و مریدا لتحقّقه، ینفیه الاسم الباطن، فإنّ الضدّ ینفی الضدّ، فإذا قال الباطن: «أنا» ظاهرا لحقیقته و مثبتا لحقیّته ینفیه الظاهر، و هکذا الأمر فی کلّ من الضدّین فإنّه یثبت مقتضى ذاته و ینفی مقتضى ما یقابله، فإذا کان الحقّ ظاهرا من حیث إنّه باطن و باطنا من حیث إنّه ظاهر، فقد جمع بینهما من وجه5 واحد.
(و المتکلّم واحد، و هو6 عین السامع).
أی، و الحال أنّ المتکلّم فی هذین الاسمین واحد بحکم أحدیّة العین، و هو الحقّ7،
________________________________________
(4) . أی هذه اللفظة.
(5) . و هو حقیقة الوجود.
(6) . أی المتکلّم (جامی).
(7) . أی الوجود.
جلد: 1، صفحه: 495
و السامع أیضا عینه لا غیره.
(کما یقول النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «و ما حدّثت به أنفسها») بضم السین على أنّه فاعل حدّثت، و هو إشارة إلى ما ثبت فی الصحیح أنّ رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم قال: «إنّ اللّه تجاوز عن أمّتی ما حدّثت به أنفسها، ما لم تتکلّم أو تعمل»1.
(فهی2 المحدّثة السامعة3 حدیثها، العالمة4 بما حدّثت به أنفسها،5 و العین واحدة6 و إن اختلفت الأحکام،7 و لا سبیل إلى جهل مثل هذا8، فإنّه یعلمه کلّ إنسان من نفسه)9.
أی، فالأنفس هی المحدّثة و هی السامعة لحدیثها، و هی العالمة بما حدّثت به لا غیرها، فالعین واحدة و إن اختلفت الأحکام الصادرة منها، بحسب قواها من النطق و السمع و العلم، فکذلک المتکلّم بلسان الباطن و الظاهر و کلّ من الأسماء المتقابلة واحد، یعلم ذلک ذوقا کلّ إنسان من نفسه.
(و هو صورة الحقّ)10.
أی، و الانسان الّذی یعلم هذا من نفسه هو صورة الحقّ، و هو کما قال صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «إنّ اللّه خلق آدم على صورته»11.
________________________________________
(1) . الجامع الصغیر ج 1 ص 68 - صحیح مسلم ج 1 ص 116.
(2) . أی الأنفس (جامی).
(3) . و هی السامعة (جامی).
(4) . و هی العالمة (جامی).
(5) . من وضع المظهر موضع المضمر و ضمیر «ها» للأمّة (جامی).
(6) . یعنی الشخص (ص).
(7) . الصادرة منها من التحدیث و السماع و العلم (جامی).
(8) . الذی ذکرناه من وحدة النفس و کثرة أسامیه؛ لاختلاف أوصافه و أحکامه (جامی).
(9) . إذا رجع إلى وجدانه (جامی).
(10) . فظهر لک أحد معانی قوله صلّى اللّه علیه و آله و سلّم: «من عرف نفسه فقد عرف ربّه». فافهم.
(11) . التوحید، للصدوق - ره - ص 103 152؛ بحار الأنوار ج 4 ص 14 ح 11، صحیح مسلم ج 32، 8، مسند أحمد ج 2، ص 234، 251، 264.
جلد: 1، صفحه: 496
(فاختلطت الأمور، و ظهرت الأعداد بالواحد1 فی المراتب المعلومة2 کلّها).
أی، فاختلطت الأمور، و اشتبهت بالتکثّر الواقع فیها على المحجوب، الغیر المنفتح عین بصیرته، و إن کانت ظاهرة راجعة إلى الواحد الحقیقیّ عند من رفعت الأستار عن عینه، و انکشف الحقّ إلیه بعینه، و الاختلاط بالتجلّیات المختلفة صار سببا لوجود الکثرة، کما ظهرت الأعداد بظهور الواحد فی المراتب المعلومة، و لمّا کان ظهور الواحد فی المراتب المتعدّدة مثالا تامّا لظهور الحقّ فی مظاهره، جعل هذا الکلام توطئة، و شرع فی تقریر العدد و ظهور الواحد فیه؛ لیستدلّ المحجوب به على الکثرة الواقعة فی الوجود المطلق،3 مع عدم خروجه عن کونه واحدا حقیقیّا.
و قال: (فأوجد الواحد4 العدد، و فصّل العدد5 الواحد).
أی، أوجد الواحد بتکرّره العدد؛ إذ لو لم یتکرّر الواحد لم یکن حصول العدد، و فصّل العدد مراتب الواحد مثل الاثنین و الثلاثة و الأربعة و غیر ذلک إلى ما لا یتناهى؛ لأنّ کلّ مرتبة من مراتب الآحاد و العشرات و المئاف و الالوف، لیس غیر الوحد المتجلّی بها، لأنّ الاثنین مثلا لیس إلاّ واحدا و واحدا، اجتمعا بالهیئة الوحدانیة فحصل منهما الاثنان فمادته هو الواحد المتکرّر و صورته أیضا واحدة، فلیس فیه شیء سوى الواحد المتکرّر، فهو مرتبة من مراتبه، و کذلک البواقی.
فایجاد الواحد بتکراره العدد مثال لایجاد الحقّ الخلق، بظهوره فی الصور الکونیة، و تفصیل العدد مراتب الواحد مثال لاظهار الأعیان أحکام الأسماء الإلهیّة و الصفات الربانیّة، و الارتباط بین الواحد و العدد مثال للارتباط بین الحقّ و الخلق، و کون الواحد
________________________________________
(1) . أی بتکراره (جامی).
(2) . للعدد من الآحاد و العشرات و المئات و الألوف (جامی).
(3) . قال صدر المتألهین - ره - فی الأمور العامّة من الأسفار - فی الفصل المعنون بقوله: فصل فی بعض أحکام الوحدة و الکثرة -: فالوحدة لا بشرط فی مثالنا بإزاء الوجود المطلق، و الوحدة المحضة المتقدمة على جمیع المراتب العددیّة بإزاء الوجود الواجبی الذی هو مبدأ کلّ موجود بلا واسطة و مع الواسطة أیضا».
(4) . بتکراره (جامی).
(5) . بمراتبه (جامی).
جلد: 1، صفحه: 497
نصف الاثنین، و ثلث الثلاثة، و ربع الأربعة، و غیر ذلک، مثال للنّسب اللاّزمة التی هی الصفات للحقّ.