شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(فمن الطبیعة؟ و من الظاهر منها؟ و ما رأیناها نقصت بما ظهر منها، و لا زادت بعدم ما ظهر).
أی، إذا کان الأمر فی نفسه واحدا فمن الّذی یسمّى بالطبیعة سوى الوجود الحقّ، و من الظاهر من الطبیعة سوى أفرادها من أعیان الموجودات، و لا ینقص منها شیء بالظهور و لا یزید بعدم الظهور کالانسانیّة؛ إذ النقصان و الزیادة من خواصّ الأجسام.
و اعلم، أنّ الطبیعة7 عند أهل الحقّ تطلق على ملکوت الجسم، و هو القوّة الساریّة
________________________________________
(7) . قال الشارح فی الفصّ العیسویّ: الطبیعة عندهم عبارة عن معنى روحانیّ، سار فی جمیع الموجودات، عقولا کانت أو نفوسا مجردة و غیر مجرّدة أو أجساما و إن کانت عند أهل النظر عبارة عن القوة الساریة فی الأجسام، بها یصل الجسم إلى کماله الطبیعیّ، فما عند أهل النظر نوع من تلک الطبیعة الکلیّة و فی التحقیق نسبة الطبیعة الکلیّة إلى النفس الرحمانى بعینها نسبة الصورة النوعیّة إلى الجسم الکلّیّ إلى الجسم؛ فإنّه نوع -
جلد: 1، صفحه: 504
فی جمیع الأجسام، عنصریّا کان أو فلکیّا، بسیطا کان أو مرکّبا، و هی غیر الصّور النوعیّة التی للأجسام، لاشتراکها1 فی الکلّ و اختصاص الصّور النوعیّة، و هی2للنّفس الکلّیة کالآلة فی إظهار الجسم و تدبیره، و فی الحیوان بمنزلة الروح الحیوانی؛ إذ بها یتمّ الفعل و الانفعال، فأفرادها کالآلات للنّفوس المجرّدة الجزئیة، کما أنّ کلّیها آلة لکلّیها، فهی3 مظهر اسم «الموجد» الّذی هو من سدنة الربّ.
(و ما4 الّذی ظهر5 غیرها، و ما هی6 عین ما ظهر لاختلاف الصّور بالحکم علیها، فهذا بارد یابس، و هذا حار یابس، فجمع بالیبس و أبان بغیر ذلک)7«ما» فی ما الّذی للاستفهام، و الثانی بمعنى لیس، و الثالث بمعنى الّذی.
أی، ما الّذی ظهر من الطبیعة غیر الطبیعة، أی: هی التی فی صور مراتبها لا غیرها، و لیست الطبیعة غیر الّذی ظهر؛ لأنّها واحدة فی الحکم و الحقیقة،8 و ما
________________________________________
- من أنواع الجوهر، فلا بدّ له من الصورة النوعیّة و الروحانیّة المقوّمة له و الامتداد المطلق الذی هو الصورة الجسمیّة مستفاد منها (ص 332).
و قال فی الفص النوحیّ: المراد بالعقل هنا الروح کما هو اصطلاح أهل التصوّف لا القوّة النظریّة و المفکّرة، و بالطبیعة النفس المنطبعة (ص 151).
قال الشیخ فی الفصّ المحمدی: و لیست الطبیعة على الحقیقة إلاّ النفس الرحمانی.
قال الشارح فی شرحه: قد مرّ فی الفصّ العیسوی أنّ الطبیعة نسبتها إلى النفس الرحمانی نسبة الصورة النوعیّة التی للشیء إلیه فقوله: «على الحقیقة» إشارة إلى أنّ العقل و إن یمیّز بین الشیء و بین صورته النوعیّة لکنّها فی الحقیقة عین ذلک الشیء (ص 481).
(1) . أی الطبیعة.
(2) . أی الطبیعة.
(3) . أی الطبیعة.
(4) . أی لیس الذی (جامی).
(5) . من الطبیعة (جامی).
(6) . أی لیست الطبیعة (جامی).
(7) . یعنی الحرارة و البرودة (جامی).
(8) . اعلم أنّ النفس الرحمانیّ و الطبیعة شیء واحد بحسب الحقیقة و تغایرهما بالاعتبار، فهذا الوجود الفعلی من حیث إنّه فائض من الحقّ المتنفس نفس، و من حیث إنّه مبدأ الفعل باعتبار إظهاره للتعیّنات و مبدأ للانفعال باعتبار تقیّده بها طبیعة کلیّة، فهذه الحالة - أی کونه مبدأ الفعل و الانفعال - أوّل تعیّن و حالة یعرض للنفس الرحمانیّ عروضا عقلیّا.
جلد: 1، صفحه: 505
ظهر منها مختلف بالصّورة و الحکم، فهذا بارد یابس، و هذا حار یابس، فجمع الحقّ بینهما بالیبس تنبیها على الأصل الجامع، و أبان بالحرارة و البرودة تنبیها على فرعیه.
(و الجامع الطبیعة، لا، بل عین الطبیعة).
أی، و الحال أنّ الجامع بینها - أی: بین الصّور - الطبیعة1، لا، بل العین الواحدة المعهودة، و هی التی ظهرت بصور هذه الموجودات کلّها، هی2 عین الطبیعة.
(فعالم الطبیعة3 صور فی مرآة واحدة، لا، بل صورة واحدة فی مرایا مختلفة).
أی عالم الطبیعة صور مختلفة، حاصلة فی مرآة الذات الإلهیّة من غیر حصول التعدّد و التکثّر فیها، ثمّ أضرب بقوله: (لا بل صورة واحدة) و هی الذات الإلهیّة (فی مرایا مختلفة) و هی الأعیان، کقوله:
فما الوجه إلاّ واحد غیر أنّه إذا أنت عدّدت المرایا تعدّدا تنبیها بحکم المقامین؛ مقام الموحّد، و مقام المحقّق، و قد مرّ تحقیق المرآتین مرارا.
________________________________________
(1) . خبر «أنّ».
(2) . أی تلک العین الواحدة المعهودة.
(3) . أی العین الواحدة التی هی حقیقة الحقّ هو الطبیعة فی الحقیقة ظهرت فی العالم العقلیّ بصورتها، و تلبّست بتعیّنها الکلّی فتسمّت طبیعة (ق).