عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

(ثمّ إنّ الذات لو تعرّت عن هذه النّسب لم تکن إلها)1.

و اعلم، أنّ «الإله» اسم الذات من حیث «هی هی» مع قطع النظر عن الأسماء و الصفات باعتبار، و اسم الذات مع جمیع الأسماء و الصفات باعتبار آخر، و المراد هنا الاعتبار الثانی.

و «الإلهیّة» اسم مرتبة حضرة الأسماء و الصفات التی هی النّسب المتکثّرة، باعتبارات و وجوه تحصل للذات بالنظر إلى الأعیان الثابتة، المتکثّرة فی أنفسها و استعداداتها؛ لأنّ المرتبة کما تستدعی من یقوم بها، کذلک تستدعی من تجری علیه أحکامها، کالسلطنة و القضاء.

فلو لم تعتبر هذه النّسب لم تبق إلاّ الذات الإلهیّة، التی لا یشار إلیها بوجه من الوجوه، و لا توصف بنعت من النعوت، و هو مقام الهویّة الأحدیّة التی تستهلک النسب کلّها فیه، فیکون الحقّ تعالى إلها، أی فی مرتبة حضرة الأسماء و النّسب الإلهیّة باعتبار أعیاننا، کما أنّ السلطان سلطان بالنسبة إلى الرعیّة، و القاضی قاض بالنظر إلى أهل المدینة، فتلحق هذه النسب إلیه تعالى بنا، کما تلحق النّسب للواحد بالنظر إلى الأعداد، و هی کونه نصف الاثنین و ثلث الثلاثة و ربع الأربعة، و کالخواصّ الحاصلة للواحد بواسطة لزومها المراتب العددیّة، و لو قطعنا النظر عن هذه المراتب لم تلحق للواحد تلک النّسب، و لم تحصل له تلک الخواصّ‌.

(و هذه النّسب أحدثتها أعیاننا).

أی، هذه الصفات أنّما ظهرت بأعیاننا، إذ لو لم تکن لما کان یظهر الخالق و الرازق و القادر، و لا السمیع و البصیر و غیر ذلک من الأسماء و الصفات الاضافیّة، و لیس المراد بالاحداث الجعل و الایجاد، لأنّا مجعولون و موجودون بها، فبجعل الحقّ و ایجاده إیّانا

________________________________________

(1) . ضرورة أنّ العبد القابل هو الذی صار بسبب تطوّرات الذات فی طیّ صنوف التعیّنات (ص).

جلد: 1، صفحه: 526

ألا جابری رفقا علیّ فإنّنی اکاشف عمّا فیکم من سرائری

فیظهر بالقلب المعنّى جمالکم کما ظهرت لیلى بقیس بن عامر (فلا یعرف3 حتّى نعرف4، قال علیه السّلام: «من عرف نفسه، فقد عرف ربّه»5 و هو أعلم

الخلق باللّه)1 و2.

تظهر تلک الصفات.

(فنحن جعلناه بمألوهیّتنا إلها).

المراد بالمألوهیّة عند هذه الطائفة مرتبة العبودیّة، و بالمألوه العبد لا المعبود، لا کما یقول المفسّرون من أنّ الإله بمعنى المألوه و هو المعبود، کالکتاب بمعنى المکتوب، و بمعناه نحن أظهرنا بعبودیّتنا معبودیّته و بأعیاننا إلهیّته، إذ لو لم یوجد موجود قط ما کان یظهر أنّه تعالى إله، بل العلّة الغائیّة من ایجادنا ظهور إلهیّته، کما نطق به: «کنت کنزا مخفیّا...»1 الحدیث.

فالجعل لیس على معناه الحقیقیّ‌، بل على معناه المجازی، و هذا لیس بلسان أهل الصحو، و فیه نوع من الشطح2، لما فیه من الرعونة الغیر اللائقة للمتأدبین بین یدی الرحمن و نظیره، کما یقول لسان الرعیّة و المرید و التلمیذ: إنّ السلطان بوجودی صار سلطانا، و بارادتی و قراءتی علیه صار الشیخ شیخا و الأستاذ استاذا، و فیه أقول:

________________________________________

(1) . جامع الأسرار و منبع الأنوار ص 102 159، أسرار الشریعة و أطوار الطریقة و أنوار الحقیقة ص 45 - منارات السائرین.

و کأنّه إلیه أشار العارف الرومی بقوله:

گنج مخفى بدز پرى چاک کرد خاک را تابان‌تر از افلاک کرد مثنوى معنوى ج 1 ص 177 (محیطی).

(2) . قال الشیخ - ره - فی رسالته فی اصطلاحات الصوفیة:

«الشطح عبارة عن کلمة علیها رائحة رعونة و دعوى، و هی نادرة أن توجد من المحقّقین.

(3) . الحق.

(4) . نحن.

(5) . بحار الأنوار ج 2 ص 32 ح 22.

و کأنّه إلیه أشار العارف الرومی بقوله:

بهر این پیغمبر آن را شرح ساخت کانکه خود بشناخت یزدان را شناخت مثنوى معنوى ج 3 ص 135.

جلد: 1، صفحه: 527

الخلق باللّه)1 و2.

أی، فلا یعرف الحقّ من حیث إنّه إله حتّى نعرف، لتوقف تعقّل هذه الحیثیّة - التی هی النّسبة - على تعقّل المنتسبین، کما قال علیه السّلام: «من عرف نفسه، فقد عرف ربّه» أی، أوقف معرفة الربّ على معرفة النّفس التی هی المربوب، فإنّ الربّ من حیث هو ربّ یقتضی المربوب «و هو» أی، النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم أعرف الخلق باللّه.

(فإنّ بعض الحکماء و أبا حامد، ادّعوا: «إنّه یعرف اللّه من غیر نظر فی العالم»3و هذا غلط).

الضمیر فی «أنّه» للشأن، و «یعرف» على البناء للمفعول، و المراد ببعض الحکماء أبو علیّ‌، و أتباعه، أی: الإمام الغزالی، و أبو علیّ‌، و من تابعهما ادّعوا: «أنّ اللّه یعرف من غیر نظر الى العالم» و أنّهم یستدلّون بالمؤثر على الأثر، و هو أعلى مرتبة من الاستدلال بالأثر على المؤثر، و حاصل استدلالاتهم ترجع إلى أنّ الوجود الممکن أو الموجود الممکن، لامکانه یحتاج إلى علّة موجودة غیر ممکنة، و هو الحقّ الواجب وجوده لذاته، و هذا أیضا استدلال من الأثر على المؤثر، فلا تتم دعواهم، فلذلک نسبهم

________________________________________

(1) . یعنی أنّ الذات الإلهیّة لا تثبت لها الصفات و النسب الأسمائیّة إلاّ بثبوت الأعیان؛ فإنّ الصفات نسب و النسب لا تثبت بدون المنتسبین، فالإلهیّة لا تثبت إلاّ بالمألوهیّة و الربوبیّة أنما تکون بالمربوبیّة، و کذا الخالقیّة و الرازقیّة و أمثالها، و لا یعرف أحد المتضایفین إلاّ بالآخر؛ و لذلک علّق علیه السّلام معرفة الربّ بمعرفة المربوب (ق).

(2) . فالأمر على ما هو أخبر عنه سبحانه (جامی).

(3) . فإنّ لهم فی طریقهم الاستدلالیّ مسلکین:

أحدهما: إنّیّ‌، یتدرّجون فیه من الأثر إلى المؤثّر.

و الآخر: لمّیّ‌، یتنزّلون به من المؤثّر إلى الأثر. و بیّن أنّ من وقع مواطن سلوکه [خ ل: مواطئ سلوکه] على الثانی منهما فی معرفة الحقّ لا یحتاج فیه إلى النظر فی العالم، على ما تفطّن لذلک صاحب الإشارات من قوله تعالى: سَنُرِیهِمْ آیٰاتِنٰا فِی اَلْآفٰاقِ وَ فِی أَنْفُسِهِمْ (فصلت (41):53) و من قوله تعالى: أَ وَ لَمْ یَکْفِ بِرَبِّکَ أَنَّهُ عَلىٰ کُلِّ شَیْ‌ءٍ شَهِیدٌ (فصلت (41):53) الإشارات و التنبیهات، النمط الرابع، الفصل 29. (حیث جعل الأوّل إشارة إلى أوّل المسلکین، و الثانی إلى الآخر، و لکن ذلک المعرفة له من حیث إنه ذات، لا من حیث إنّه إله، و المبحث أنّما هو هذا؛ و لذلک قال: «و هذا غلط) (ص).

جلد: 1، صفحه: 528

إلى الغلط، أو لعدم امکان تعقّل النّسبة بدون المنتسبین.

(نعم، تعرف1 ذات قدیمة أزلیّة، لا تعرف أنّها إله حتّى یعرف المألوه2، فهو الدلیل علیه)3.

أی، إذا أمعن النظر صاحب الفطانة و الذهن المستقیم فی نفس الوجود، یمکن أن یعرف أنّ‌4 ذاته قدیمة أزلیّة واجبة هی لها بذاتها، لا بحسب الاستدلال، بل بوجدان الأمر على ما هو علیه على سبیل الذوق، ثمّ یتمکّن من التنبیه لغیره أیضا لیجد هو أیضا کذلک، کما بیّنا فی فصل الوجود فی أوّل الکتاب.

أمّا المعرفة بأنّها إله صاحب أسماء و صفات، فلا یمکن حتّى ینظر إلى العالم، فیستدلّ بالعبودیّة على المعبودیّة و المربوبیّة على الربوبیّة، فالعالم هو الدلیل على إلاله من حیث إنّه أله، لذلک قیل: إنّه مأخوذ من العلامة، و هی الدلیل.

(ثمّ بعد هذا فی ثانی الحال5، یعطیک الکشف أنّ الحقّ نفسه کان عین الدلیل على نفسه، و على الوهیّته).

هذا کشف مقام الجمع، أی: بعد معرفة الإله بالمألوه، و معرفة الذات القدیمة الأزلیّة صاحب المرتبة الإلهیّة، و التوجّه إلیه توجّها تامّا تنفتح عین بصیرتک، فیکشف لک أنّ الحقّ هو الدلیل على نفسه، بتجلّیه الذاتی لا فاضة أعیاننا6 بالفیض الأقدس، و هو الدلیل على الوهیّته بالتجلّی الأسمائی و الصفاتی لحقائقنا7 لا غیره، المسمّى بالعالم.

و بهذا المعنى، قال رسول الله صلّى اللّه علیه و آله و سلّم حین سئل: بم عرفت اللّه تعالى‌؟

________________________________________

(1) . من غیر نظر فی العالم (جامی).

(2) . الذی هو معطی تلک النسبة من العبد القابل (ص).

(3) . أی أولا فی مسالک البعد و التفرقة ثم بعد هذا فی ثانی الحال عند مواطن القرب و الجمعیّة یعطیک الکشف (ص).

(4) . أی أصله و صرفه.

(5) . و فی بعض النسخ: «فی ثانی حال» بدون اللام، أی بعد أن عرفت بمألوهیّتک الإله و توجّهت إلیه بکلّیّتک تنفتح عین بصیرتک بنور الکشف (جامی).

(6) . أی فی العلم.

(7) . أی فی الخارج.

جلد: 1، صفحه: 529

قال: «باللّه عرفت الأشیاء».

فإنّ السؤال کان عن الذات الإلهیّة، أی: بم عرفت ذات الحقّ؟ فأجاب بالحقّ عرفت الأشیاء و بنوره، لا عن المرتبة، فإنّ العلم بالمرتبة لا یکون إلاّ بعد العلم و المعرفة بالذات، و أین المحجوب من هذه المعرفة‌؟، و من لسان هذین المعنیین قیل:

فلو لا کم ما عرفنا الهوى و لو لا الهوى ما عرفناکم و سرّ أنّ الشیخ رضى اللّه عنه أورد هذه المباحث فی هذا الفصّ کون إبراهیم علیه السّلام طالبا للحقّ‌، مستدلا علیه بالمظاهر الکوکبیّة، فإنّه علیه السّلام عرف أوّلا أنّ له ربّا خلقه، ثمّ غلبه علیه العشق فطلبه إلى أن هداه اللّه، و تجلّى له.