عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

(فمشیئته أحدیّة التعلّق1، و هی نسبة تابعة للعلم، و العلم نسبة تابعة للمعلوم2، و المعلوم أنت3 و أحوالک، فلیس للعلم أثر فی المعلوم4، بل للمعلوم5 أثر فی العالم، فیعطیه من نفسه ما هو علیه فی عینه).

أی، للحقّ مشیئة واحدة عامّة یتجلّى بها، فتأخذ کلّ عین نصیبها منها بحسبها فتظهر بمقتضاها هدایة کانت أو ضلالة، کما قال: وَ مٰا أَمْرُنٰا إِلاّٰ وٰاحِدَةٌ کَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ6.

و إذا کان الواقع فی الوجود أحد النقیضین باقتضاء العین ذلک، فمشیئته أیضا أحدیّة التعلّق، لأنّها نسبة تابعة للعلم إذ ما لا یعلم بوجه من الوجوه لا یمکن تعلّق الإرادة و المشیئة به، و العلم نسبة تابعة للمعلوم من حیث تغایرهما و امتیاز کلّ منهما عن غیره، و المعلوم الأعیان الثابتة و أحوالها، و هی لا تقتضی إلاّ وجود أحد الطرفین من النقیضین فالمشیئة أیضا لا تتعلّق إلاّ به.

و قوله: (فلیس للعلم أثر) نتیجة لقوله: (و العلم نسبة تابعة للمعلوم) و أثر المعلوم فی العالم اقتضاؤه، و طلبه من القادر العالم ایجاده على ما هو علیه، و قد مرّ فی المقدّمات من أنّ العلم من أیّ جهة تابعة، و من أیّها متبوعة مؤثّرة فی افاضة الأعیان7.

(و إنّما ورد الخطاب8 الإلهیّ بحسب ما تواطأ9 علیه المخاطبون، و ما10 أعطاه11

________________________________________

(1) . أی لا تتغیّر عمّا اقتضاه ذاته - لا تبدیل لکلمات اللّه (ق).

(2) . أی لا تتعلّق به إلاّ على ما هو علیه فی نفسه (جامی).

(3) . و أنت لا تتغیّر عمّا کنت علیه فی حال ثبوتک (جامی).

(4) . لأنّه ما جعله على ما هو علیه بل تعلّق به بحسبه، و هذا ظاهر (جندی).

(5) . فإنّ المعلوم هو الذی جعل العالمیّة مصوّرا بصورته (ص).

(6) . القمر (54):50.

(7) . أی فی الخارج.

(8) . بلسان الحضرة الختمیّة (ص).

(9) . أی توافق علیه (جامی).

(10) . موصولة.

(11) . المخاطبون المحجوبون المقیّدون بطور العقل و بحسب ما أعطاه النظر العقلی (جامی).

جلد: 1، صفحه: 539

النظر العقلی1، و ما2 ورد الخطاب3 على ما یعطیه4 الکشف؛ و لذلک کثر المؤمنون5، و قلّ العارفون و أصحاب الکشوف)6.

أی، لمّا کان أکثر الأشخاص الإنسانیّة عقلاء و أصحاب نظر فکری، ما ورد الخطاب الإلهیّ إلاّ بحسب ما تواطأوا و توافقوا علیه، و هو العقل و مقتضاه، و لم یرد على ما یعطیه الکشف؛ لعدم وفاء الاستعدادات بذلک، و لقلّة العارفین أصحاب الکشوف، الواقفین على سرّ القدر، و لورود الخطاب الإلهیّ بحسب إدراک المخاطبین و عقولهم «کثر المؤمنون، و قلّ العارفون» لأنّ طور المعرفة فوق طور الادراک العقلیّ‌7، و هو الکشف عن حقائق الأمور على ما هی علیها.

(وَ مٰا مِنّٰا إِلاّٰ لَهُ مَقٰامٌ مَعْلُومٌ‌8 و9.

أی، مرتبة معلومة معیّنة فی علم اللّه، لا یتعدّاها و لا یتجاوز عنها، فمن کان مقامه فی العلم و مقتضى عینه أن یکون واقفا على مقتضى عقله أو وهمه، لا یزال یکون تحت حکم التدبیر، و من کان مقامه أن یکون مطّلعا على أحوال الوجود، واقفا على سرّ القدر مکاشفا له، یکون منقادا لحکم التقدیر، فلا یعترض بالباطن على أحد من

________________________________________

(1) . على ما علیه مدارک العامّة من أمم زمانه من الاحتمالات اللازمة لما وقع فی حیّز الإمکان على ما هو مقتضى منصب الرسالة و ختمیّتها، حتّى یکون الکلّ محفوظا من جوامع کلمته التامة و إلاّ فلا یکون مبعوثا للکافّة؛ و لذلک و ما ورد الخطاب على ما یعطیه الکشف (ص).

(2) . نافیة.

(3) . ذلک الخطاب (جامی).

(4) . فإنّ الحکمة الإلهیّة اقتضت التدبیر على النظام المعلوم، فلا بدّ من احتجاب البعض بل الأکثر (ق).

(5) . المصدّقون بما هو الظاهر المتبادر من الخطابات الإلهیّة (جامی).

(6) . الفائزون بإدراک المراد منها على ما هو علیه (جامی).

(7) . قال الشیخ - رض - فی أوّل الفتوحات (ص 33) - بعد تمهید کلام - ما هذا لفظه: «علم الأسرار، و هو العلم الذی فوق طور العقل، و هو علم نفث روح القدس فی الروع یختصّ به النبیّ صلّى اللّه علیه و آله و سلّم و الولیّ‌...» فراجعها؛ فإنّ لکلامه فی المقام شأنا.

(8) . الصافّات (37):164.

(9) . و الذی یدلّ على ما مرّ - من أنّ لکلّ أحد مقاما لا یتجاوزه، و هو صورة معلومیّته المؤثّرة فی العالم الحاکمة بالخصوصیّة - ما ورد وَ مٰا مِنّٰا إِلاّٰ لَهُ مَقٰامٌ مَعْلُومٌ‌ الصافّات (37):164 (ص).

جلد: 1، صفحه: 540

خلق اللّه، و إن کان یأمر و ینهى فی الظاهر.

(و هو1 ما کنت به فی ثبوتک ظهرت به فی وجودک).

«و هو» أی، ذلک المقام هو ما کانت عینک متلبّسة متّصفة به فی حال ثبوتک فی الحضرة العلمیّة، و ظهرت فی الوجود الخارجی أیضا على حسبها، فهذا الحکم عامّ لجمیع الأعیان، لا للملائکة فقط، کما أخبروا عن أنفسهم فالضمیر مبتدأ خبره مجموع ما بعده من الجملتین، أی: مقامک هذا المعنى.

(هذا إن ثبت أنّ لک2 وجودا)3.

أی، الأمر هذا إن کان الوجود الخارجی للأعیان بحکم ظهورها فی مرآة4 الحقّ‌، و لیس المراد بقوله: (إن ثبت أنّ لک وجودا) أن لک وجودا حقیقیّا، مغایرا للوجود المطلق الحقّانی، فیتعدّد الوجود بحسب ماهیته5، فإنّ الوجود6 حقیقة واحدة لیس فیها تعدّد أصلا، کما مرّ فی صدر الکتاب.

________________________________________

(1) . أی اختصاص کل واحد منّا بمقام معلوم، لا یتخطّاه هو هذا المعنى (ق).

(2) . باعتبار تعیّنک؛ فإنّ التعیّن هو الذی یسوّغ نسبة الوجود الخاصّ الإضافی إلیک (ق).

(3) . على ما هو ذوق مقام قرب النوافل (ص).

(4) . فیکون الحقّ غیبا و الخلق ظاهرا.

(5) . أی حقیقته.

(6) . المقابل للمفهوم الذی یقال له: الحقّ‌، بمعنى أنّه ثابت بنفسه لا یحتاج إلى حیثیّة أخرى تقیدیّة کالماهیّات و التعیّنات.