شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):
(و لهذا قال سهل: «إنّ للربوبیّة سرّا1 و هو أنت» یخاطب کلّ عین) أی، بقوله:
أنت (لو ظهر) أی، لو زال، قال صاحب (الصحاح): «یقال: هذا أمر ظاهر عنک عاره، أی زائل» و قال الشاعر:
و عیّرها الواشون إنّی احبّها و تلک شکاة2 ظاهر عنک عارها قال رضی الله عنه فی المسائل المذکورة فی الجلد الثانی من (فتوحاته): «و ظهر هنا
________________________________________
(1) . سرّ الربوبیّة ما یتوقّف علیه من المربوبین؛ لأنّها من الأمور الإضافیّة، و المربوب کلّ عین عین، و العین باقیة على حالها فی غیب اللّه أبدا، فلا یظهر ذلک السرّ أبدا، فلا تبطل الربوبیّة أبدا، فمعنى قوله: و العین موجودة دائما أی فی الغیب (ق).
(2) . خ ل: وشاة.
جلد: 1، صفحه: 603
بمعنى زال، کما یقال: ظهروا عن البلد - أی ارتفعوا عنه - و هو قول الامام «للاولوهیّة سرّ لو ظهر...»1.
(لبطلت الربوبیّة، فأدخل علیه «لو»2 و هو حرف امتناع لامتناع)3.
أی، و لأجل أنّ کلا عند ربّه مرضیّ قال سهل هذا القول، لأنّ الأعیان الثابتة أسرار الربوبیّة، و سرّ الشیء مطلوب بالنسبة إلیه، فهی مرضیّة عند أربابها.
و اعلم، أنّ سرّ الشیء لطیفته و حقیقته المخفیّة، و الربوبیّة نسبة تقتضی الربّ و المربوب، و الربّ اسم من الأسماء و هو فی الغیب مخفی أبدا، و المربوب أیضا کذلک و إن کانت صورته ظاهرة؛ لأنّ المربوب فی الحقیقة هو العین الثابتة، و هی مخفیّة أبدا لا تظهر فی الوجود، لذلک قال رضی اللّه عنه فی موضع آخر: (بأنّها ما شمّت رائحة الوجود بعد).
و إلیه الاشارة بقوله: (و هو أنت) أی، ذلک السرّ عینک الثابتة، فهما4سرّان للربوبیّة و إنّما اکتفى بقوله: (أنت) عن الربّ، لأنّ المربوب - الّذی هو العین - صورة ربّه، ف «هو هو» فی الحقیقة لا غیره، و بالاعتبار یقع التغایر «و لو ظهر» أی، لو زال السرّ الّذی هو عینک لبطلت الربوبیّة، لأنّ الربوبیّة لا تظهر إلاّ بالمربوب، فزواله موجب لزوالها، فلا ینبغی أن یحمل الظهور هنا على معناه المشهور، و إلاّ یلزم بطلان قوله: (لو ظهر لبطلت الربوبیّة) إذ بظهوره تظهر ربوبیّة ربّه کما قال الشیخ الأجلّ:
فلولاه و لولانا لما کان الّذی کانا (و هو لا یظهر5، فلا تبطل الربوبیّة لأنّه لا وجود لعین إلاّ بربّه، و العین موجودة
________________________________________
(1) . راجع الباب الثالث و السبعین من الفتوحات: وصل فیه مائة و خمسة و خمسون سؤالا من الحکیم محمد بن علی الترمذی أجاب عنها صاحب الفتوحات، و هذا الباب من أعظم الأبواب و فیه فوائد جمّة لمن هو أهل الخطاب.
(2) . فی هذه الشرطیّة (جامی).
(3) . أی یدل على امتناع أمر، و هو هاهنا بطلان الربوبیّة؛ لامتناع أمر آخر هو زوال سرّ الربوبیّة (جامی).
(4) . أی الربّ و العین.
(5) . أی لا تزول سرّیّته و لا تبطل؛ لأنّ الخطاب باق إلى أبد الآباد (ص).
جلد: 1، صفحه: 604
دائما1، فالربوبیّة لا تبطل دائما)2 و3.
أی، ذلک السرّ الّذی هو عینک لا یزول أبدا، فلا تزول الربوبیّة أبدا إذ لا وجود للعین الموجودة فی الخارج إلاّ بربّها، و العین الموجودة دائمة فی الخارج، بحسب نشأتها4الدنیاویّة و البرزخیّة و الاخراویّة، فالربوبیّة دائمة، و ضمیر «بربّه» عائد إلى وجود العین، أو إلى العین، و تذکیره باعتبار أنّه شیء.
________________________________________
(1) . به و إن تحوّلت تنوّعات تعیّناتها (ص).
(2) . و ما قیل: «إنّ معناه أنّه فی الغیب موجود دائما» فخارج عن قانونهم؛ لأنّ ما فی الغیب لا یطلق علیه «العین» و لا ترتبط به نسبة الربوبیّة، کیف و الشیخ قد صرّح هاهنا بأنّ الکلّ فی الأحدیّة بالقوّة و الغیب مقدّم علیها.
(3) . یرید الشیخ - ره - أنّ الربوبیّة لمّا کانت من الحقائق الإضافیّة فلا تحقّق لها إلاّ بطرفیها، فیتوقّف ظهورها على عبد مربوب، و المفهوم من الربوبیّة عرفا أن یتوقّف علیها المربوب، و لمّا لم یظهر إلاّ فی کلّ عین عین من المربوبین کان کلّ عین عین سرّها الموجب لظهورها و تحقّقها، فلو ظهر هذا السر بطلت الربوبیّة المفهومة عرفا و لم تبطل حقیقة؛ لأنّ الأعیان لا تظهر أبدا، بل هی على حالها فی غیب اللّه، فلا تبطل الربوبیّة أبدا (ص).
(4) . و الربّ دائم، فوجود العین دائم.