شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(ثمّ السرّ الّذی فوق هذا5 فی هذه المسألة، أنّ الممکنات6 على أصلها من العدم7، و لیس وجود إلاّ وجود الحقّ بصور أحوال ما هی علیه الممکنات8 فی أنفسها
________________________________________
(5) . أی السرّ الذی ذکرنا (جامی).
(6) . لا تزال ثابتة على أصلها (جامی).
(7) . أی على أصلها الذی هو العدم ما شمّت رائحة الوجود، ف «من» فی قوله: «من العدم» بیانیة (جامی).
(8) . ضمیر «هی» راجع إلى الممکنات المذکورة قبله و الممکنات بدل منه، أو ضمیر مبهم و الممکنات مفسّرة، أی بصور أحوال الذی علیه الممکنات من الأمر (ق).
جلد: 1، صفحه: 651
و أعیانها1، فقد علمت من یلتذّ و من یتألّم)2.
أی، الأعیان الممکنة باقیة على أصلها من العدم، غیر خارجة من الحضرة العلمیّة، کما قال فیما تقدّم: (و الأعیان ما شمّت رائحة الوجود بعد).
و لیس وجود فی الخارج إلاّ وجود الحقّ، متلبّسا بصور أحوال الممکنات، فلا یلتذّ بتجلّیاته إلاّ الحقّ، و لا یتألّم منها سواه، ف «من» فی قوله: (من العدم) للبیان، و المبیّن «على أصلها»3.
و اعلم، أنّ الالتذاذ و التألّم من صفات الکون، فإسنادهما إلى الحقّ لأحد الطریقین:
أحدهما: اتصافه بصفات الکون فی مقام التنزّل4.
و ثانیهما: رجوع الکون5 و صفاته إلیه.
و أمّا باعتبار الأحدیّة فالکلّ مستهلک فیها، فلا التذاذ و لا تألّم، و إنّما جعل هذا السرّ فوق سرّ القدر؛ لأنّه من لسان الأحدیّة المستعلیة على الکثرة و ألسنتها.
(و ما یعقب6 کلّ حال من الأحوال)7.
عطف على «من» أی، فقد علمت من الملتذّ و من المتألّم و ما الّذی یعقب کلّ حال من الأحوال.
أی: کما أنّ الحقّ هو الملتذّ من التجلیّات، و هو المتألم بها، فالأحوال التی تعقب حالا بعد حال هی أیضا تجلّیاته لا غیره، و «کلّ» منصوب على أنّه مفعول، و فاعله
________________________________________
(1) . فلئن قیل: إذا ثبت أنّ الممکنات على عدمها الأصلی، فکیف یتصوّر لها أحوال یظهر الحق بصورها؟
قلنا: إنّ الممکنات إذا لو حظت من حیث أنفسها و أعیانها - أی ذواتها و أصالتها - فهی الاعتبارات المسمّاة بالشؤون الذاتیّة، و هی عین الذات، و إنّما یقال لها: «الممکن» إذا لو حظت خارجة عن الوجود الحقّ، مقابلة له (ص).
(2) . أی علمت أنّه لا یلتذّ بالثواب و لا یتألّم بالعقاب إلاّ الحقّ المتعیّن بصورة هذه العین الثابتة، التی هی شأن من شؤون الحقّ (ق).
(3) . أی على قوله: «على أصلها».
(4) . و هو قرب النوافل.
(5) . و هو قرب الفرائض.
(6) . و هو الجزاء.
(7) . فإنّه من تجلّیاته سبحانه بصورة حال تابع لحال آخر مترتّب علیه (جامی).
جلد: 1، صفحه: 652
ضمیر یرجع إلى «ما».
(و به1 یسمّى عقوبة2 و عقابا)3 -4أی، و بکونه یعقب حالا بعد حال سمّی الجزاء عقوبة و عقابا، فالعقوبة مأخوذة من العقب.
(و هو سائغ فی الخیر و الشرّ، غیر أنّ العرف سمّاه فی الخیر ثوابا، و فی الشرّ عقابا).
أی، العقاب جائز أن یستعمل فی الخیر و الشرّ بحسب أصل اللّغة، إلاّ أنّ العرف الشرعی خصّص الخیر بالثواب، و الشرّ بالعقاب.
(و لهذا5 سمّى أو شرح الدّین بالعادة؛ لأنّه6 عاد علیه ما یقتضیه7 و یطلبه حاله، فالدّین العادة، و قال الشاعر8: «کدینک من امّ الحویرث قبلها»، أی: عادتک).
أی، و لأجل أنّ کلّ حال یعقبه حال آخر هو جزاؤه، سمّى الدّین الّذی هو الجزاء بالعادة، أو فسّر بها، لأنّه الضمیر للشأن، أی: لأنّ الشأن عاد إلیه ما یقتضیه و یطلبه حاله من الجزاء، ثمّ استشهد بقول الشاعر فی استعمال الدّین و ارادة العادة.
(و معقول العادة أن یعود الأمر9 بعینه إلى حاله10، و هذا11 لیس12 و13 ثمّ فإنّ
________________________________________
(1) . أی بهذا التعقیب (جامی).
(2) . فإنّ عقب الشیء آخره (ص).
(3) . فإنّ العقوبة و العقاب مأخوذان من العقب (جامی).
(4) . أی بکونه عقیب الحال یسمّى عقوبة و عقابا، فالخیر و الشرّ فی هذا المعنى - أی فی تعقّبه للحال - سواء، إلاّ أنّ العرف خصّصه فی الخیر بالثواب (ق).
(5) . أی لأجل أنّ کلّ جزاء حال یعقّب حالا آخر سمّى أو شرح، أی فسّر الدین، الذی هو الجزاء ب «العادة» (جامی).
(6) . أی لأنّ صاحب الدین (جامی).
(7) . حاله و استعداده (جامی).
(8) . و هو إمرئ القیس فی قصیدة «قفا نبک» و بعده «و جارتها أمّ الرباب بما سل».
(9) . ثانیا (جامی).
(10) . الأولى (جامی).
(11) . أی العود بعینه (جامی).
(12) . أی فی صورة الجزاء (جامی).
(13) . أی فی الدین (ص).
جلد: 1، صفحه: 653
العادة تکرار).
أی، المفهوم من العادة عقلا أن یعود أمر إلى حاله کما کان، و هذا المعنى لیس موجودا فی الجزاء فإنّ العادة تقتضی التکرار، و لا تکرار فی الوجود، فکیف فی الجزاء؟. بل حال یعقب الحال الأوّل بحسب ما یقتضیه الأوّل.