شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(فالعالم صورته و هو2 روح العالم المدبّر له، فهو3 الانسان الکبیر4).
(فهو الکون کلّه5و هو الواحد الّذی)
(قام کونی بکونه6 و7و لذا قلت: یغتذی) و فی بعض النسخ: (و إذا قلت: یغتذی) فجزاؤه قوله:
(فوجودی غذاؤه و به نحن نحتذی8 و9) أی، الحقّ هو الوجود کلّه، و هو الواحد بحسب الذات و الحقیقة، و القیوم الّذی قام وجودی و وجود العالم کلّه بوجوده و ذاته، و قوله: (و لذا) إشارة إلى قوله:
(قام کونی بکونه)، أی و لأجل أنّ وجودی قائم بوجوده، و وجوده ظاهر بوجودی، نسبت الغذاء إلیه، فغذاؤه وجود العالم، و غذاء العالم وجوده و أسماؤه؛ لأنّ الغذاء عبارة عمّا به بقاء المغتذی فی الخارج، و ذلک باختفائه و ظهوره على صورة من یغتذیه.
و لا شکّ أنّ وجودنا یحصل باختفاء هویّته فینا، و ظهوره بصورنا، و بقاؤنا أیضا
________________________________________
(2) . أی الحقّ.
(3) . أی العالم مع الروح المدبّر له (جامی).
(4) . أی فالعالم ظاهر الحقّ و هو باطنه، و الحقّ روح العالم و العالم صورته (ق).
(5) . أی الموجودات کلّها؛ لأنّها صورة و الصورة عین ذی الصورة بوجه (جامی).
(6) . أی وجودى بوجوده؛ لظهوره بصورتى، فأنا قائم موجود به و هو ظاهر بى (جامی).
(7) . و إطلاق الکون - ها هنا - على وجوده باعتبار کثرته النسبیّة الأسمائیة؛ ضرورة وجوب مناسبة الغذاء للمغتذی (ص).
(8) . أی نقتدی به فی الغذاء.
(9) . أی نغتذی، فهو کما یغتذى بنا کذلک نحن نغتذی به لکن فی الوجود و البقاء (جامی).
جلد: 2، صفحه: 747
یحصل بایصال1 الفیض الدائم إلینا، کذلک أعیان العالم تختفی فی ذاته، و یظهر وجوده و اسماءه و أحکامها فی الخارج، إذ لو لا وجود العالم ما2 کان یعلم وجود الحقّ و أسماؤه، کما قال: «کنت کنزا مخفیّا فأحببت أن اعرف فخلقت الخلق...»3، فالحقّ یغتذی بالأعیان من حیث ظهوره بها، و الأعیان تغتذی بالحقّ من حیث بقائها و وجودها، و إلیه الاشارة بقوله: (و به نحن نحتذی)، أی و بالحقّ نحتذی فی الغذاء، أی: نغتذی به، یقال: «احتذى حذوه» أی: أقتدی به.
و لمّا کان هذا الکلام من مقام التفصیل، رجع و قال:
(فبه منه4 إن نظر ت بوجه5 تعوّذی)6 أی، فبالحقّ أتعوّذ من الحقّ إن نظرت بوجه الجمع و الوحدة، کما قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم:
«أعوذ بک منک»7 و8.
________________________________________
(1) . گر فیض تو یک لحظه بعالم نرسد معلوم شود بود و نبود همه کس
(2) . نافیة.
(3) . جامع الأسرار و منبع الأنوار، ص 102-159؛ أسرار الشریعة و أطوار الطریقة و أنوار الحقیقة، ص 45؛ اللؤلؤ المرصوع، ص 61.
و کأنّ العارف الرومى اشار إلیه بقوله:
گنج مخفی بد ز پُرّى چاک کرد خاک را تابانتر از افلاک کرد مثنوى معنوى، ج 1، ص 177.
بهر اظهار است این خلق جهان تا نماند گنج حکمتها نهان
کنت کنزا گفت مخفیا شنو جوهر خود گم مکن اظهار شو مثنوى معنوى، ج 2، ص 457.
(4) . و إذا کانت الأشیاء کلّها عینه من حیث الحقیقة فبه منه (جامی).
(5) . أی بوجه الإطلاق و الجمعیّة (جامی).
(6) . و إذا کان للحقّ مظاهر مختلفة و ظهورات مختلفة بحسبها کذلک مختلفة، فقد یظهر ظهورا ینکر فیه فیعوّذ منه لا جهلا به عند العارف، و لکن إیفاء لحق ظهوره فی ذلک المظهر، لکونه ممّا یتعوّذ منه فیه (ص).
(7) . بحار الأنوار، ج 16، ص 253، ح 35.
(8) . أعوذ بک منک (توحید ذاتی) أعوذ برضاک من سخطک (توحید صفاتی) أعوذ بعفوک من عقوبتک (توحید أفعالی).
جلد: 2، صفحه: 748
(و لهذا الکرب1 تنفّس2، فنسب3 النّفس إلى الرحمن4).
أی، لکون الحقّ و ذاته مشتملا على حقائق العالم و صورها، و طلب تلک الحقائق ظهورها، حصل الکرب فی الباطن، و لهذا الکرب تنفّس الحقّ، أی5: تجلّى لاظهار ما فی الباطن من أعیان العالم فی الخارج، «فنسب»، أی الحقّ النّفس إلى الرحمن، أی:
إلى الاسم الرحمانیّ بلسان نبیّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم فی قوله: «إنّی أجد نفس الرحمن من قبل الیمن»6.
و النفس عبارة عن الوجود العامّ المنبسط على الأعیان عینا، و عن الهیولى الحاملة لصور الموجودات، و الأوّل مرتّب على الثانی7.
(لأنّه8 رحم به9 و10 ما طلبته النّسب11 الإلهیّة من ایجاد صور العالم، التی قلنا:
هی12 ظاهر الحقّ).
________________________________________
(1) . أی لکرب اندراج الکون کلّه فی الحقّ سبحانه، کما فهم من قوله: فهو الکون کلّه (جامی).
(2) . أی تجلّى لإظهار ما فی الباطن من أعیان العالم (جامی).
(3) . أی الحقّ سبحانه (جامی).
(4) . أی الاسم الرحمن (جامی).
(5) . تفسیر لقوله: «تنفّس».
(6) . إحیاء العلوم، ج 3، ص 153؛ مسند أحمد، ج 2، ص 541.
و کأنّ إلیه أشار العارف الرومی بقوله:
آنکه یابد بوى رحمان از یمن چون نیابد بوى باطل را ز من
مصطفی چون بوى برد از راه دور چون نیابد از دهان ما بخور مثنوى معنوى، ج 2، ص 11.
(7) . و هى المرتبة الواحدیّة.
(8) . و إنّما نسب النفس إلى الاسم الرحمن لا إلى غیره من الأسماء؛ لأنّه... (جامی).
(9) . أی بالرحمن (جامی).
(10) . أی إنّما نسب النفس إلى الرحمن؛ لأنّه رحمها به، أی بالنفس و هو الفیض الوجودی، و هو الذی کانت النسب الإلهیّة تطلبه؛ فإنّ الأسماء الإلهیّة التى سمّاها نسبا تقتضی ظهورها التى هى صور العالم و ظاهر الحقّ، باعتبار أنّه الظاهر، و هی بعینها فی الغیب باطن الحقّ باعتبار اسمه الباطن؛ إذ هی عند کونها ظاهرة لم تنزل عن صورتها الغیبیّة (ق).
(11) . أی الأسماء (جامی).
(12) . أی صور العالم (جامی).
جلد: 2، صفحه: 749
أی، نسب النّفس إلى الرحمن؛ لأنّ الحقّ بالاسم الرحمانی رحم الأعیان، فأعطى ما طلبته النّسب الإلهیّة، التی هی الأسماء و الصفات، من وجود صور العالم التی هی ظاهر الحقّ.
(إذ هو1 «الظاهر»، و هو باطنها، إذ هو «الباطن») لأنّ الحقّ هو «الظاهر» و ظاهریّته بصور العالم، و الحقّ باطنها لأنّها هو «الباطن» کما أنّه هو الظاهر.
(و هو «الأوّل» إذ کان و لا هی2)، أی الحقّ هو «الأوّل» لأنّه کان و لیست صور العالم موجودة، کما قال علیه السّلام: «کان اللّه و لا شیء معه»3.
(و هو «الآخر4» إذ کان عینها عند ظهورها)، أی هو «الآخر» لأنّه عین أعیان العالم و صورها عند ظهورها فی الخارج.
(فالآخر عین الظاهر، و الباطن عین الأوّل).
«الآخر» یطلق على معنیین:
أحدهما: ما ذکره هنا، و هو کون الحقّ عین الأعیان الخارجیّة الموجودة فی الخارج؛ لأنّه آخر المراتب.
ثانیها: کون الأعیان مستهلکة فی الحقّ بالفناء فیه.
فعلى الأوّل: الآخر عین الظاهر و الباطن عین الأوّل، لکون الحقّ باطنا و أوّلا، و لا ظهور للاشیاء.
(وَ هُوَ بِکُلِّ شَیْءٍ عَلِیمٌ5 و6 لأنّه بنفسه علیم)7.
________________________________________
(1) . یمکن أن یکون هو راجعا إلى العالم.
(2) . إذ کان الحقّ و لم تکن صور العالم کما قال (صلّى اللّه علیه و آله و سلّم): کان اللّه و لم یکن معه شیء (جامع الأسرار و منبع الأنوار ص 56) فهو متقدّم علیها، و هذا التقدّم هو المراد بالأولیّة (جامی).
(3) . جامع الأسرار و منبع الأنوار، ص 56.
(4) . هو الأوّل غیبا و باطنا و الآخر شاهدا و ظاهرا (جندی).
(5) . الحدید (57):3.
(6) . لأنّ حدود الأشیاء - ظاهرها و باطنها - نفس الهویّة الحقّ و عینها فی الحضرة العلمیّة و الهویّة الأحدیّة التی لا یتمیّز المعلوم عن العالم، فلا صورة هناک لشیء إلاّ للحقّ و لا نسب إلاّ له (ص).
(7) . و علمه بنفسه عین علمه بالعالم (جامی).
جلد: 2، صفحه: 750
أی، لأنّه یعلم ذاته و صفاته، و لیس العالم إلاّ عین صفاته، فهو بکلّ شی، علیم بعین علمه بنفسه.
(فلمّا أوجد1 الصّور فی النّفس2، و ظهر سلطان النّسب المعبّر عنها بالأسماء3، صحّ النّسب الإلهیّ للعالم4).
النّفس الرحمانی عبارة عن هیولى العالم کلّه الروحانیّ و الجسمانیّ، و سمّی نفسا5 لنسبته إلى النّفس الانسانیّ، فإنّه هواء یخرج من الباطن إلى الظاهر، ثمّ باصطکاک عضلات الحلق یظهر فیه الصوت، ثمّ بحسب تقاطعه فی مراتب الحلق و الاسنان و الشفتین تظهر الحروف، ثمّ من تراکیبها تحصل الکلمات، کذلک النّفس الرحمانی إذا وجد فی الخارج، و حصل له التعیّن یسمّى بالجوهر، ثمّ بحسب مراتبه و مقاماته الظاهر هو فیها، تحصل التعیّنات و الحروف و الکلمات الإلهیّة بصور أعیان العالم کلّها ظاهرة فی النّفس الرحمانی، فهو لها6 کالمادّة للصّور الجسمیّة، فلمّا أوجد الحقّ صور العالم فی هذا النّفس الرحمانی، و ظهر سلطنة الأسماء الإلهیّة على مظاهرها، صحّ النّسب الإلهیّ بفتح النون هنا و بکسرها فی الأوّل7، صح للعالم أن ینتسب إلى اللّه بأنه مألوه و مربوب، و الحقّ إله و ربّ.
________________________________________
(1) . أی فلمّا ظهرت الأعیان التی هی أجزاء العالم و صورها فی الفیض الوجودی، فظهرت النسب التی هی الأسماء الإلهیّة فی صورها التی هى مظاهرها، و أظهرت سلطنتها بأفعالها و أحکامها فی الآثار المتصلة بها، انتسب العالم إلى موجده، فصحّ النسب الإلهى الحقیقى باستناد المألوه إلى الإله و الربّ إلى المربوب و الخالق إلى المخلوق و الرازق إلى المرزوق، فانتسب الکلّ من حیث افتقاره الذاتی إلیه على التعیین لا إلى غیره، و لم یبق لانتساب أحد إلى غیره وجه (ق).
(2) . أی فى النفس الرحمانى الذی به انبسط عن الکرب الذی [هو] من تراکم النسب و الصور فی الباطن (ص).
(3) . لوجود محالّ تصرّفاتها (جامی).
(4) . أی نسب العالم إلى الحقّ سبحانه؛ لأنّه مخلوق و مربوب له (جامی).
(5) . راجع ص 92 من تمهید القواعد ط 1.
(6) . أی لصور العالم.
(7) . أی فی سلطان النسب.
جلد: 2، صفحه: 751
(فانتسبوا1 و2 إلیه تعالى)، أی فانتسب أهل العالم إلیه تعالى (فقال:)، أی رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم حکایة عن ربّه، أنّه قال: («الیوم3 أضع نسبکم و أرفع نسبی»، أی آخذ عنکم انتسابکم إلى أنفسکم، و أردّکم إلى انتسابکم إلیّ4).
أی، الیوم آخذ عنکم انتسابکم إلى أنفسکم و ذواتکم، و أجعل انتسابکم إلیّ لتکون ذواتکم ذات اللّه، و صفاتکم صفات اللّه، و أفعالکم أفعال اللّه، فتفنوا فیه و تبقوا به، فالیوم عبارة عن حال الفناء فی الحقّ، و هو یوم القیامة الکبرى، کما قال تعالى: فَإِذٰا نُفِخَ فِی اَلصُّورِ فَلاٰ أَنْسٰابَ بَیْنَهُمْ یَوْمَئِذٍ وَ لاٰ یَتَسٰاءَلُونَ5.
________________________________________
(1) . أی أهل العالم (جامی).
(2) . بعبودیتهم له و مخلوقیّتهم و مرزوقیّتهم (ص).
(3) . أی یوم القیامة.
(4) . الظاهر أنّه کان بدل إلى، أی و التغیّر من النسّاخ، و فی بعض النسخ هذه اللفظة غیر موجودة و العبارة هکذا: «و أردّکم إلىّ».
(5) . المؤمنون (23):101.