شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(فما9 أوجد هذا الشیء بعد أن لم یکن عند الأمر بالتکوین إلاّ نفسه10 و11،
________________________________________
(9) . نافیة.
(10) . و لیس للحقّ تعالى سوى الأمر فقط (ص).
(11) . نسبة الکون إلى المکوّن بفتح الواو، فی قوله: «فکان من جهة أنّ کونه کان کامنا فیه معدوم العین فى رأى العین، و لکنّه مستعدّ لذلک الکون بالأمر فلمّا أمر و تعلّقت إرادة الموجد بذلک و اتّصل أمره به، ظهر الکون الکامن الکائن فیه بالقوة، إلى الفعل، فالمظهر لکونه الحقّ و الکائن القابل للکون، فلو لا قبوله - - و استعداده للکون لما کان، فما کوّنه إلاّ عینه الثابتة فى العلم باستعداده الذاتى غیر المجعول، و قابلیّته للکون و صلاحیّته لسماع قول: «کن» و أهلیّته لقبول الامتثال فما أوجده إلاّ هو، و لکن بالحق و فیه، فافهم فإنّه دقیق (جندى).
جلد: 2، صفحه: 774
فاثبت الحقّ تعالى أنّ التکوین للشیء نفسه) «نفسه» بالجرّ تأکید للشیء.
(لا للحقّ، و الّذی للحقّ فیه1 أمره خاصّة2، و کذا أخبر عن نفسه3 فی قوله4:
إِنَّمٰا أَمْرُهُ إِذٰا أَرٰادَ شَیْئاً أَنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ5 و6، فنسب التکوین لنفس الشیء)7 و8.
أی، إلى نفس الشیء، فالّلام بمعنى إلى.
(عن أمر اللّه، و هو الصّادق فی قوله9، هذا هو المعقول فی نفس الأمر10، کما
________________________________________
- و استعداده للکون لما کان، فما کوّنه إلاّ عینه الثابتة فى العلم باستعداده الذاتى غیر المجعول، و قابلیّته للکون و صلاحیّته لسماع قول: «کن» و أهلیّته لقبول الامتثال فما أوجده إلاّ هو، و لکن بالحق و فیه، فافهم فإنّه دقیق (جندى).
(1) . أى فى التکوین (جامی).
(2) . لا الفعل المأمور به (جامی).
(3) . بشهادة أداة الحصر على الأمر (ص).
(4) . فى موضع آخر (جامی).
(5) . یس (36):82.
(6) . قال بعضهم - ره -: «یحتمل أن یعود ضمیر یکون إلى الآمر، أى یکون هو، من کونه عین المعلوم المعدوم العین المأمور بالکون من کونه ثابتا فى العلم، فیکون فیه هو بموجب ما أمر، و المأمور مظهر لکونه فیه؛ لأنّ الکون أمر وجودی، فالأنسب أن ینسب الأمر الوجودی إلى الوجود الحقّ المتعیّن فی قابلیة المظهر، لا إلى ما لا وجود له، فإنّه لیس للممکن القابل إلاّ أن یمکن الکون فیه بموجب الأمر فالمظهر القابل صالح لظهور کون الوجود فیه متعیّنا بحسب ما کان کامنا فی عینه الثابتة بموجب أمر الآمر... لکن الشیخ - رض - بیّن سیاق الآیة، فذهب إلى نسبة التکوین إلى المأمور.». جامی فی حاشیة نقد النصوص، ص 168.
أقول: مراده - رض - من البعض مؤید الدین الجندی فی شرحه لفصوص الحکم، ص 446 کما سیأتی.
(7) . أی إلى نفسه لا إلى اللّه سبحانه و تعالى لکنّه عن أمر اللّه (جامی).
(8) . فإنّ الغایة للإرادة و توجّه الذات بالتخصیص الأمری إلى الشیء أنّما هو تکوینه؛ فلذلک قال: فیکون أی بدون فاعل من خارج، و للإشعار بأن الشیء هو الغایة قال: لنفس الشیء باللام دون إلى (ص).
(9) . هذا ما یدلّ على ما ذکرنا بحسب منطوق النقل (ص).
(10) . لما ذکر الکون عقیب الأمر، فلا ینسب إلاّ إلى المأمور بذلک و هو الأنسب و إن احتمل اللفظ أن ینسب الکون إلى الأمر، لأنّ الکون أمر وجودی، فالأنسب أن ینسب الأمر الوجودی إلى الوجود الحقّ المتعیّن فی قابلیّة المظهر لا إلى ما لا وجود له؛ فإنّه لیس للممکن القابل إلاّ أن یمکن الکون فیه بموجب الأمر، فالمظهر القابل صالح لظهور کون الوجود فیه متعیّنا بحسب ما کان کامنا فى عینه الثابتة بموجب أمر الآمر. و قد ذهب - - إلى هذا القول جملة من المحقّقین، و لکن الشیخ - رض - بیّن سیاق الآیة، فبموجب ذلک ینسب التکوین إلى المأمور.
ثمّ التحقیق یقتضى ما ذکرنا من کون ذلک الکون المأمور به کامنا فی القابل، فظهر بأمر الآمر فینسب إلى المأمور لا إلى الآمر، فإنّ الکون و إن کان وجودیا و لکن أنّما یکون بحسب القابل و فیه، فالأنسب إذن أن ینسب إلیه. فافهم مقتضى الذوقین، قال الشیخ ممهّدا لما هو بصدد بیانه من نسبة الکون إلى المظهر المأمور و هذا هو المعقول فى نفس الأمر (جندی).
جلد: 2، صفحه: 775
یقول الآمر، الّذی یخاف فلا یعصى) على البناء للمفعول (لعبده1: قم، فیقوم العبد امتثالا لأمر سیّده، فلیس للسیّد فی قیام هذا العبد سوى أمره له بالقیام، و القیام من فعل العبد لا من فعل السیّد2) معناه ظاهر.
فإن قلت: الأشیاء قبل وجودها معدومة، فکیف تتصف بالامتثال و القبول للأمر و الانقیاد؟ و هذه المعانی أنّما تحصل ممّا له الوجود، و کیف یمکن أن یتکوّن الشیء الّذی وجوده مستفاد من غیره بنفسه؟ و کیف یقاس ما لیس بموجود إلى ما هو موجود کمثال العبد و السیّد؟
قلت: إنّها موجودة بالوجود العلمی الإلهیّ أزلا و أبدا، و إن کانت معدومة بالنسبة إلى الوجود الخارجیّ، و هذه الصفات التی للأشیاء لیست من لوازم الوجود الخارجیّ فقط، بل من لوازم الوجود فهی متّصفة بها أیضا حال کونها متّصفة بالوجود العلمی، غایة ما فی الباب أنّ هذه الصفات یتفاوت ظهورها بحسب عوالمها التی هی فیها، کما تتفاوت الأعیان باللّطافة و الکثافة فی عالمى الأرواح و الأجسام.
و سرّ نسبة التکوین إلى الأعیان و تحقیقها، أنّ تلک الأعیان لکونها عین الحقّ من حیث الحقیقة3، لها الظهور و الاظهار لنفسه فی جمیع مراتب الوجود، لاتصافها بالصفات الإلهیّة حینئذ، و من حیث إنّها متعیّنة بتعیّنات خاصّة مستمدّة ممّن لا تعیّن له محتاجة إلیه، لها العجز و الضعف و النقص و غیرها من الصفات الکونیّة.
________________________________________
- إلى هذا القول جملة من المحقّقین، و لکن الشیخ - رض - بیّن سیاق الآیة، فبموجب ذلک ینسب التکوین إلى المأمور.
ثمّ التحقیق یقتضى ما ذکرنا من کون ذلک الکون المأمور به کامنا فی القابل، فظهر بأمر الآمر فینسب إلى المأمور لا إلى الآمر، فإنّ الکون و إن کان وجودیا و لکن أنّما یکون بحسب القابل و فیه، فالأنسب إذن أن ینسب إلیه. فافهم مقتضى الذوقین، قال الشیخ ممهّدا لما هو بصدد بیانه من نسبة الکون إلى المظهر المأمور و هذا هو المعقول فى نفس الأمر (جندی).
(1) . متعلّق بقوله: «یقول الآمر» (جامی).
(2) . لا من جعل السید - خ ل.
(3) . أی الوجود.
جلد: 2، صفحه: 776
فنسبة التکوین و الایجاد إلیها بالاعتبار الأوّل، و العجز و الفقر و المسکنة بالاعتبار الثانی، فلا یضیق صدرک بما سمعت، و احمد ربّک على ما فهمت.