عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

فصّ حکمة قلبیّة فی کلمة شعیبیّة1
قد مرّ فی المقدّمات: أنّ القلب یطلق على النفس الناطقة اذا کانت مشاهدة للمعانی الکلّیة و الجزئیة متى شاءت، و هذه المرتبة مسمّاة عند الحکماء ب‍ «العقل المستفاد»، و قد یطلق على ناطقة من اتصف بالأخلاق الحمیدة و جعلها ملکة له.
و إنّما تسمّى2 ب‍ «القلب» لتقلبها3 و4 بین العالم العقلی المحض و عالم النفس 
________________________________________
(1) . إنّما اختصّت الحکمة القلبیّة بالکلمة الشعیبیّة لأمرین:
أحدهما: رعایة المفهوم من اسمه علیه السّلام و هو التشعّب، فإنّ شعیبا علیه السّلام کان من العرب و اسمه اسم عربىّ - کذا ورد فی النقل أنّ هودا و صالحا و شعیبا و یونس و لوطا کانوا من العرب.
و بالجملة فلمّا کان القلب منبع الشعب المنبثّة فى أقطار البدن الإنسانی، بل فی سائر الحیوانات التامّة الخلقة، و هو أوّل ما یتکوّن من الإنسان و الحیوان و کان شعیب علیه السّلام أیضا کثیر الشعب لکثرة نتائجه و أولاده، ناسب التخصیص المذکور.
و الأمر الآخر: أنّه کان الغالب على شعیب - علیه السّلام - الصفات القلبیّة من الأمر بالعدل و إیفاء الکیل و الوزن بالقسط، و القلب هو مظهر العدل و صورة أحدیّة الجمع بین الظاهر و الباطن و اعتدال البدن و عدالة النفس و منه یصل الحیاة و الفیض إلى جمیع الأعضاء على السویة بمقتضى العدل، و له أحدیّة جمع القوى الروحانیّة و النفسانیّة و البدنیّة. و منه ینشعب هذه القوى بالقسطاس المستقیم و یتوزّع على کلّ عضو بمقتضى استعداده. نقد النصوص، ص 198.
(2) . أی النفس.
(3) . أی النفس الناطقة.
(4) . قال فی المقدّمات فی الفصل العاشر: «و أمّا القلب فلتقلّبه بین الوجه الذی یلی الحقّ فیستفیض منه الأنوار، - - و بین الوجه الذی یلی النفس الحیوانیّة فیفیض علیها ما استفاض من موجدها على حسب استعدادها» (ص 42).
جلد: 2، صفحه: 794
المنطبعة، و لتقلبها فی وجوهه الخمسة التی لها إلى العوالم الکلّیة الخمسة1.
و له2 أحدیّة الجمع بین الأسماء الإلهیّة و الظهور بحکم کلّ منها على سبیل العدالة، و هو برزخ بین الظاهر و الباطن، و منه تنشعب القوى الروحانیّة و الجسمانیّة، و منه الفیض على کلّ منها، و هو صورة المرتبة الإلهیّة کما أنّ الروح صورة المرتبة الأحدیّة3، لذلک وسع کلّ شیء حتّى الحقّ‌.
و لمّا کان4 کثیر الشعب و النتائج، کان شعیب علیه السّلام کثیر النتائج و الأولاد، متحقّقا بمقام القلب، مشاهدا للمعانی الکلّیة و الجزئیة، متخلّقا بالأخلاق الإلهیّة، قائما بالعدل5 الّذی هو سبب وجود العالم، آمرا بایفاء الحقوق فی الکیل و المیزان و القسطاس المستقیم بمقتضى استعداد کلّ من الناس، أضاف الحکمة القلبیّة إلى کلمته.
________________________________________
- و بین الوجه الذی یلی النفس الحیوانیّة فیفیض علیها ما استفاض من موجدها على حسب استعدادها» (ص 42).
(1) . قال فی المقدّمات فی الفصل الخامس: «لمّا کانت الحضرات الإلهیّة الکلیّة، خمسة صارت العوالم الکلیّة الجامعة لما عداها أیضا کذلک، و أوّل الحضرات الکلّیة حضرة الغیب المطلق، و عالمها عالم الأعیان الثابتة فى الحضرة العلمیّة، و فى مقابلتها حضرة الشهادة المطلقة و عالمها عالم الملک و حضرة الغیب المضاف، و هی تنقسم إلى ما یکون أقرب من الغیب المطلق و عالمه عالم الأرواح الجبروتیّة و الملکوتیّة، أعنی عالم العقول و النفوس المجرّدة، و إلى ما یکون أقرب من الشهادة المطلقة و عالمه عالم المثال و إنّما انقسم الغیب المضاف إلى قسمین؛ لأنّ للأرواح صورا مثالیّة مناسبة لعالم الشهادة المطلقة و صورا عقلیّة مجرّدة مناسبة للغیب المطلق، و الخامسة الحضرة الجامعة للأربعة المذکورة و عالمها العالم الإنسانی الجامع لجمیع العوالم و ما فیها، فعالم الملک مظهر عالم الجبروت، أى عالم المجرّدات و هو مظهر عالم الأعیان الثابتة، و هو مظهر الأسماء الإلهیّة، و الحضرة الواحدیّة و هى مظهر الحضرة الأحدیّة.
(2) . أی القلب.
(3) . قال فی آخر الفصل العاشر فی المقدّمات: «فاعلم أنّ المرتبة الروحیّة هی ظلّ المرتبة الأحدیّة و المرتبة القلبیّة ظلّ المرتبة الإلهیّة». ص 43.
(4) . أی القلب.
(5) . قال مؤیّد الدین بعد ذکر إیفاء الحقوق و غیره: «و ذلک عدل أقامه اللّه فی النشأة الإنسانیّة لوجود القلب، فإنّه منشأ العدل و قسمة مادّة الحیاة الطبیعیّة، و هی الدم للأعضاء الآلیّة و الأعضاء المتشابهة الأجزاء علوّا و سفلا من القلب، فإنّ اللّه یوصلها من القلب إلى الکلّ بقدر استحقاق کلّ عضو عضو و استعداده بمیزان العدل.