شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
و أمّا أصحاب النظر و أرباب الفکر1 من القدماء و المتکلّمین فی کلامهم فی النفس و ماهیّتها، فما منهم من عثر على حقیقتها، و لا یعطیها2 النظر الفکری أبدا)3.
لما بیّنا من انّه4 جسمانى منغمس فی الظلمات عاجز عن رفع الوهم و الشبهات.
(فمن طلب العلم بها5) أی: بماهیّة النفس و حقیقتها (من طریق النظر الفکری، فقد استمسن ذا ورم و نفخ فی غیر ضرم) «الضرم» ما به توقد النار.
(لا جرم أنّهم من اَلَّذِینَ ضَلَّ سَعْیُهُمْ فِی اَلْحَیٰاةِ اَلدُّنْیٰا وَ هُمْ یَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ یُحْسِنُونَ صُنْعاً6 فمن طلب الأمر من غیر طریقه فما ظفر بتحقیقه).
کلّه ظاهر.
(و ما أحسن ما قال اللّه تعالى فی حقّ العالم و تبدّله مع الأنفاس: لَفِی خَلْقٍ جَدِیدٍ * فی عین واحدة، فقال فی حقّ طائفة7، بل أکثر العالم8: بَلْ هُمْ فِی لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِیدٍ9 و10 فلا یعرفون تجدید الأمر11 مع الأنفاس).
________________________________________
(1) . من الحکماء (جامی).
(2) . أی لا یعطى حقیقتها و العثور علیها (جامی).
(3) . لکون الفکر محجوبا بالتقیید (ق).
(4) . أی النظر الفکری و الفکر.
(5) . أی بماهیّة النفس و حقیقتها (جامی).
(6) . الکهف (18):104.
(7) . و هم أهل النظر (جامی).
(8) . فإنّهم محجوبون عن ذلک لتشابه الصور بل هم فی لبس (جامی).
(9) . ق (50):15.
(10) . فإنّه یدلّ على أنّ تلبّس العالم فی ملابس الخلقیّة و ظهوره فی صورة الأثر و الفعل متجدّد حسب تجدّد الآنات و الأنفاس؛ إذا لخلق خروج القابل إلى الفعل على ما لا یخفى على أهله (ص).
(11) . أی أمر وجود العالم (جامی).
جلد: 2، صفحه: 834
لمّا کان کلامه رض فی الحکمة القلبیّة و بیان تقلّبات القلب فی عوالمه، و کان العالم أیضا لا یزال متقلّبا فی الصور، ذکر أنّه فی کلّ آن و نفس تتبدل صوره على العین الواحدة التی هی الجوهر1 و2، و استشهد بقوله تعالى: بَلْ هُمْ فِی لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِیدٍ.
و لمّا کان هذا التبدیل نوعا من أنواع القیامة کما مرّ بیانه فی المقدّمات، و أهل النظر لم یشعروا بهذا، جعلهم بمثابة المنکرین بقوله: (فقال فی حقّ طائفة) و هم أهل النظر، ثمّ عمّم بقوله: (بل أکثر العالم)، أی: قال فی حقّ أکثر العالم، و هم المحجوبون کلّهم، و ما التبس علیهم ذلک إلاّ بمشابهة الصور.
(لکن قد عثرت علیه الأشاعرة فی بعض الموجودات، و هی الأعراض).
لأنّهم ذهبوا إلى أنّ العرض لا یبقى زمانین.
(و عثرت علیه الحسبانیّة فی العالم کلّه، و جهّلهم أهل النظر بأجمعهم).
الحسبانیّة: هم المسمّون عند أهل النظر بالسوفسطائیّة.
(و لکن أخطأ الفریقان، أمّا خطأ الحسبانیّة فبکونهم ما عثروا3 - مع قولهم: بالتبدّل فی العالم بأسره - على أحدیّة عین الجوهر المعقول، الّذی قبل هذه الصور4 و5، و لا یوجد6 إلاّ بها)7.
________________________________________
(1) . و هو الوجود الفعلی.
(2) . قال فی الفصّ الهودی: «النفس الرحمانی إذا وجد فی الخارج و حصل له التعیّن یسمّى بالجوهر».
(3) . أی ما شعروا من تبدّل المجموع... أنّ وراء هذه التبدّلات و الأبدال و التمثّلات و الأمثال حقیقة حقّ لا یتبدّل عن مقتضى ذاته، لکن من شأنه الظهور بهذه الصور عند التجلّى و التعیّن و أنّه عین الوجود الحقّ (جندی).
(4) . أی صورة العالم (جامی).
(5) . و الحقیقة مع التعیّن الأوّل اللازم لعلمه بذاته هی جوهر المعقول الذی قبل هذه الصور المسمّاة عالما، و هو المسمّى ب «العقل الأوّل» و «أمّ الکتاب» و هو روح العالم فلا یوجد العالم إلاّ به، و تأنیث الضمیر و تذکیره فی «بها» و «به» باعتبار التعیّن و الجوهر و الحقیقة (ق).
(6) . أی ذلک الجوهر (جامی).
(7) . أی بهذه الصورة فی الحسّ الباطن، و هو عالم المثال المطلق و المقیّد و الحسّ الظاهر، أی عالم الشهادة المدرک بالحواسّ الخمس الظاهرة، و لیس أنّ ذلک الجوهر بدون تلک الصور غیر موجود فی نفسه بل موجود فی العقل فقط (جامی).
جلد: 2، صفحه: 835
أی، و لا یوجد ذلک الجوهر فی الخارج إلاّ بتلک الصور.
(کما لا تعقل إلاّ به)1 أی، کما لا تعقل تلک الصور، إلاّ بالجوهر، یعنی: کما لا تعقلنّ کلّ واحد من الموجودات عند التعریف إلاّ بالجواهر.
(فلو قالوا بذلک).
أی، بأنّ الجوهر شیء واحد تطرأ علیه صور العالم کلّه، فتصیر موجودات متعیّنة متکثّرة، و ذلک الجوهر هو عین الحقّ الذی بتجلّیه حصل العالم.
(فازوا بدرجة التحقیق فی الأمر) لأنّهم حینئذ کانوا عارفین بالأمر على ما هو علیه.
________________________________________
(1) . ضرورة امتناع قیام الصور بذواتها کظهور الموادّ بدونها، و فی عبارته هاهنا لطیفة و هی أنّ عدم العثور على الشیء و العلم به لا یقال له: الخطأ فی العرف؛ لأنّ الخطأ من الجهل المرکّب، و هو بسیط، فنبّه على أنّ إطلاق الخطإ على الحسبانیّة باعتبار عدم العثور هاهنا حیث إنّهم جهلوا ما هو المبدأ الأوّل لهذا العثور و الملزوم البیّن له و هو قولهم بتبدّل العالم فی الصور و ذهابهم إلیه، مع لزومه البیّن بالملزوم البیّن مع عدم العثور على لازمه البیّن و ذلک هو الجهل المرکّب عند التحقیق، فإنّه یستلزم عدم العلم بالملزوم مع اعتقاد علمه به (ص).