عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

أَوْ آوِی إِلىٰ رُکْنٍ شَدِیدٍ «ما بعث نبیّ بعد ذلک إلاّ فی منعة1 من قومه») أی، ما بعث نبیّ إلاّ بین منعة یمنعون شرّ الأعداء عنه.
(فکان تحمیه قبیلته کأبی طالب مع رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلّم، فقوله:) أی: قول لوط علیه السّلام (لَوْ أَنَّ لِی بِکُمْ قُوَّةً‌ لکنه علیه السّلام سمع اللّه2 یقول: اَللّٰهُ اَلَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ ضَعْفٍ‌3 و4بالأصالة5).
أی، هذا القول أنّما وقع لکن لوط علیه السّلام أدرک بالنور الإلهیّ معنى قول اللّه تعالى: اَلَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ ضَعْفٍ‌، و علم أنّ اللّه خلق الخلق من العدم، معنى الآیة6 أیضا یرجع إلیه، إذ الضعف عدم القوّة، و العدم أصل کلّ متعیّن، و إلیه ترجع الصفات الکونیّة کلّها، و عرف أنّ القوّة للّه جمیعا بالأصالة و لغیره بالتّبعیّة کما قال تعالى.
(ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً‌ فعرضت القوّة بالجعل) أی، بالایجاد بالخلق الجدید. 
(فهی قوّة عرضیّة ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَ شَیْبَةً‌ فالجعل تعلّق بالشیبة)7 و8 لأنّها خلق جدید.
________________________________________
(1) . هو فی عزّ و منعة محرکة، و لیسکن أی معه من یمنعه من عشیرته (قاموس).
(2) . و أمّا معنى قوله - رض - لوطا - علیه السّلام - یقول اللّه: اَلَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ ضَعْفٍ‌، أنّه سمع بسمع روحه روح هذه الایة من روح محمّد - صلّى اللّه علیه و آله و سلّم - فی عالم الأرواح، حین بعثه إلى الأرواح نبیّا، و کان آدم بین الماء و الطین، فسمع الآیة روح لوط کذلک (جندی).
(3) . ضرورة أنّ ما هو خلقیّ ذاتیّ لا یحتاج فیه إلى جعل (ص).
(4) . الروم (30):54.
(5) . أی مبتدئا خلقکم من ضعف، أی عدم القوّة هو الأصل فیکم (جامی).
(6) . أی خلقکم من ضعف.
(7) . لأنّها أمر وجودیّ (جامی).
(8) . إنّما قال: فالجعل تعلّق بالمشیئة؛ لأنّ الضعف یتبعها طبعا، و لذا وصف الضعف بالرجوع إلى أصل خلقه. ثمّ لما تبیّن أنّ الرجوع أنّما هو بتبعیّة الشیب المجعول تابع المجعول مجعول فسرّه بالردّ إلى ما خلقه منه؛ لاشتراک الردّ و الإحداث فی معنى الجعل، و المقصود أنّ القوّة للخلق عارضی، و لهذا أورد «لو لا الامتناعیّة» إشارة منه إلى محض التوحید و أن لا حول و لا قوة إلاّ باللّه (ق).
جلد: 2، صفحه: 847
(و أمّا الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه1، و هو2 قوله: خَلَقَکُمْ مِنْ ضَعْفٍ‌) و هو العدم؛ لأنّه عبارة عن عدم القوّة.
(فردّه لما خلقه منه) اللاّم بمعنى إلى (کما قال تعالى: وَ مِنْکُمْ مَنْ یُرَدُّ إِلىٰ أَرْذَلِ اَلْعُمُرِ لِکَیْلاٰ یَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَیْئاً3 فذکر4 أنّه ردّ إلى الضعف الأوّل5، فحکم الشیخ حکم الطفل فی الضعف6).
الکلّ ظاهر، و المقصود أنّ القوّة للخلق من حیث إنّه غیر و سوى عارضة، و لهذا قال: «لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه» و الضعف و العجز ذاتی له؛ لأنّه من العدم.
(و ما بعث نبیّ إلاّ بعد تمام الأربعین، و هو زمان أخذه7 فی النقص و الضعف8، فلهذا قال: لَوْ أَنَّ لِی9 بِکُمْ قُوَّةً‌ مع کون ذلک10 یطلب همّة مؤثّرة)11 و12 و13.
________________________________________
(1) . فتعلیق الجعل بهما باعتبار أحدهما (جامی).
(2) . أی أصل خلقه ما یدلّ علیه قوله: خلقکم من ضعف (جامی).
(3) . الحجّ (22):5.
(4) . أی اللّه سبحانه بقوله: یُرَدُّ إِلىٰ أَرْذَلِ اَلْعُمُرِ * أنه ردّ (جامی).
(5) . الذی خلق منه فحکم الشیخ حکم الطفل (جامی).
(6) . الأصلی، غیر أنّ الشیخ مردود إلیه بعد القوّة و الطفل لا یقوى بعد (جامی).
(7) . أی شروعه (جامی).
(8) . أی لأجل أخذه فی النقص و الضعف (جامی).
(9) . أی کان (جامی).
(10) . أی الأخذ (جامی).
(11) . لا قوّة جسمانیة (جامی).
(12) . مع ذلک ما یطلب القوّة الجسمانیّة، بل إنّما یطلب همّة مؤثّرة فی الوجود علیّة و نیّة قاصدة إلى الغایة رفیعة (ص).
(13) . فلمّا وهنت القوى الطبیعیّة و ظهر ضعف القوى الجسمانیّة لکونها متناهیة اشتدّت سلطنة القوّة النظریة و ظهر سلطان النور الإلهی، فغلب البیاض بحکم العکس على سواد الشعر، و حان وقت تأثیر الهمّة بالقوّة الإلهیّة برجوع الحجابات الخلقیّة إلى الضعف الأصلی و بروز الحقیقة الإلهیّة و القوى الروحانیّة من الحجاب و رجوعا إلى التأثیر الأصلی، فتمنّى ب‍ «لو الامتناعیّة» بالتشبیه إلیه؛ لأنّ القوة للّه لا له، فإنّ أصل وضعها للامتناع و استعیرت للتمنّی الدالّ على طلب الهمّة المؤثّرة، فالقوة لیست له من حیث إنّه خلق سیّما عند ضعف الخلقة و نقصانها عند الأربعین، و هی له من حیث إنّه حقّ (ق).
جلد: 2، صفحه: 848
معناه ظاهر، و إنّما کانت البعثة بعد تمام الأربعین؛ لأن أحکام النشأة العنصریّة غالبة على أحکام النشأة الروحانیّة فی تلک المدّة، و القوى الطبیعیّة مستعلیة على القوى الروحانیّة، بحیث لا یظهر أثرها إلاّ احیانا، و لذلک یغلب السواد أیضا فی تلک المدّة على الشعر، و الحکمة فی هذه الغلبة و اختفاء القوى الروحانیّة تکمیل النشأتین و تحصیل السعادتین؛ لأنّ الربّ کما یربّ الظاهر فی ذلک الزمان یربّ الباطن أیضا.
و لمّا کانت النشأة الدنیاویّة منقضیة متناهیة تتوجّه تلک القوّة إلى الضعف إلى أن تفنى، و لکون الآخرة دائمة أبدیّة تزداد القوى الروحانیّة إلى أن تنتهی إلى الکمال المقدّر له، [کذا، لها، ظ]
قوله تعالى: لِکَیْلاٰ یَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَیْئاً1 إشارة إلى فناء قابلیّة الآلة التی بها یظهر العلم فی الخارج، لا أنّ الناطقة یطرأ علیها الجهل بعد العلم، و إلاّ ما کان یبقى العلم بعد المفارقة.
(فإن قلت: فما یمنعه من الهمّة المؤثّرة و هی موجودة فی السالکین من الاتباع2، و الرّسل أولى بها.
قلنا: صدقت، و لکن نقصک علم آخر، 

 ______________________________________

(1) . الحجّ (22):5.
(2) . على ما هم علیه من القصور و جزئیّة الحکم و ضعفها و الرسل بکمالهم و کلّیة أحکامهم و قوّتها (ص)