عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

کذلک13ما قلنا لهم14 إلاّ ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم15، و ذاتنا معلومة لنا بما هی علیه من أن نقول: کذا، و لا نقول: کذا، فما قلنا إلاّ ما علمنا أنّا نقول، فلنا القول16 منّا، و لهم الامتثال و عدم الامتثال مع السماع منهم17).
________________________________________
(13) . خ ل: و لذلک.
(14) . أی ما أمرناهم بقول: «کن» (جامی).
(15) . أی نامرهم بهذا القول.
(16) . بکلمة «کن».
(17) . أی مع وقوع سماع قولنا منهم (جامی).
جلد: 2، صفحه: 860
ألفاظه ظاهرة، و المقصود بیان سرّ القدر، و قد مرّ فی المقدّمات أنّ اللّه یعلم ذاته و أسماءه و صفاته بذاته، و یعلم الأعیان التی هی صور الأسماء بعین ما یعلم ذاته، فکما لا یعلم من ذاته و أسمائه و صفاته إلاّ ما تعطیه الذات و الأسماء و الصفات ممّا هی علیها کذلک لا یعلم من الأعیان إلاّ ما تعطیه الأعیان و استعداداتها ممّا هى علیها.
فعلمه تابع للمعلوم1 من هذا الوجه، و إن کان المعلوم تابعا للعلم من وجه آخر،2فمن کانت عینه مؤمنة حال ثبوتها و حال کونها موصوفة بالعدم بالنسبة إلى الخارج، فهو یظهر مؤمنا عند سماع أمر اللّه بقوله: «کن»، و من کان کافرا أو عاصیا أو منافقا، فهو یظهر فی الوجود العینی بتلک الصفة.
فالحقّ ما یعاملهم إلاّ بما تقتضی أعیانهم باستعداداتها و قبولها، إن خیرا فخیرا، و إن شرا فشرا، فمن وجد خیرا فلیحمد اللّه، و من وجد دون ذلک فلا یلومنّ إلاّ نفسه وَ مٰا ظَلَمَهُمُ اَللّٰهُ وَ لٰکِنْ کٰانُوا أَنْفُسَهُمْ یَظْلِمُونَ‌3.
و لمّا تکلّم من طرف القابل تکلّم من طرف الفاعل بقوله: (کذلک ما قلنالهم... الخ)، أی: ما أمرناهم إلاّ ما تقتضیه ذاتنا و أسماؤنا، فمنّا القول و الأمر و منهم السماع و الامتثال.
و لمّا کان الأمر من اللّه على قسمین:
1 - قسم لا یمکن أن لا یمتثل له شیء من الأعیان.
2 - و قسم یمکن أن لا یمتثل له بعض الأعیان، قال: (و لهم الامتثال و عدم الامتثال مع السماع منهم).
أمّا الأوّل: فهو الأمر الذی به توجد الأعیان، و هو قول «کن»؛ إذ عدم الامتثال فیه محال، لأنّ أعیان الممکنات کلّها طالبة للوجود العینی من الحضرة الإلهیّة، فلا یمکن أن لا یمتثل له شیء منها.
و أمّا الثانی: فهو الأمر بالایمان و الهدایة و توابعهما، فإنّ من لا تکون عینه قابلة له أو 
________________________________________
(1) . أی فی مقام التفصیل.
(2) . أی من حیث التحقّق و الوجود.
(3) . النحل (16):33.
جلد: 2، صفحه: 861
للوازمه لا یمکن أن یمتثل له.
(فالکلّ‌1 منّا2 و منهم3و الأخذ عنّا و عنهم4) أی، فکلّما یحصل من التجلّیات و الأحوال العارضة على الموجودات، منّا بحسب الفاعلیّة، و منهم بحسب القابلیّة، و تلک التجلّیات و الأحوال بحسب أخذ العلم عن ذاتنا ممّا هی من الأسماء و الصفات و عن ذواتهم، لأنّ ذواتهم - حال کونها فی العدم - منتقشة بجمیع ما یطرأ علیها من الأزل إلى الأبد.
فالأخذ عنّا بالایجاد و الاظهار، و الأخذ عنهم بالاتصاف و القبول، أو فالکلّ منّا5بحسب القابلیّة و اعطاء أعیاننا للحقّ ما یفیض علینا من التجلّیات و الأحوال، و «منهم» أی: و من الأسماء الإلهیّة بحسب الفاعلیّة، و «الأخذ عنّا» أی: یأخذ الحقّ عنّا ما تعطیه ذواتنا، و «عنهم» أی: یأخذ عن أسمائه ما تعطیه الأسماء من الایجاد و القدرة و غیرها، و هذا أنسب للبیت الثانی، و هو قوله:
(ان لا یکونون منّا6فنحن لا شکّ منهم) 
________________________________________
(1) . من لسان الأسماء.
(2) . منّا من حیث حضرتنا الأسمائیّة (ق).
(3) . منهم من حیث الأعیان الظاهرة بالوجود الحقّ المظهرة لحقائق الأسماء على قابلیّاتها و استعداداتها الذاتیّة و أخذ العلم الحقیقی عنّا، فإنّا نعطی من فضلنا ما نشاء و من نشاء کما قال: ذٰلِکَ فَضْلُ اَللّٰهِ یُؤْتِیهِ مَنْ یَشٰاءُ * (ق).
(4) . و عنهم، أی العلم مأخوذ عن الأعیان المعلومة و هی نحن، فإنّ العلم منه أوّلا بذاته ثمّ بالأعیان التی هی مظاهر حقائق ذاته، و العلم بالأعیان لیس إلاّ علمه بذاته، إذ لا معلوم إلاّ هو (ق).
(5) . من لسان الأعیان.
(6) . و إن کان بعض الأعیان من غیر المتمثّلین الذین یظهرون ما لا یصدر القول به، و بإظهاره لم یکونوا منّا؛ ضرورة أنّ الصادر منّا هو الکلام القولی، و هم من حیث ظهورهم بتلک الصور غیر المقولة ما هم منّا، و لکن لمّا کان ذلک فیهم لغلبة حکم الوحدة الذاتیّة الساترة على حقیقتهم، کما أشیر إلیه فنحن لا شکّ منهم؛ لأنّ الکلّ من طرف الذات و وحدتها.
ثمّ إنّک قد عرفت أنّ تمام الأمر فی هذین الطرفین - أعنی الوجود الکونی العینی، و القولی الکلامی السمعی - و کلاهما صورة ظهور المعلومات، فهما صورتان متطابقتان، و کان وجه اختصاص هذه النکتة بالحکمة الملکیّة لاشتراک اسم الملک و الکلم فی تمام المادّة؛ فلذلک کشفت عن الصورة الکلامیّة و ما ینطوی علیه، و إلیه الإشارة بقوله: «فتحقّق یا ولییّ (ص).
جلد: 2، صفحه: 862
أی، إن کانت الأسماء بحیث لا یکونون منّا فوجودنا لا شکّ حاصل منهم، أی: من تلک الأسماء، سواء کان الوجود علمیّا أو عینیّا، فکان مع اسمها مقدّرة بعد «ان»، کقولهم: إن خیرا فخیرا.
فعلى المعنى الأوّل من البیت الأوّل، معناه: إن لا یکن وجود الأعیان من الأسماء فوجود الأسماء لا شکّ منهم، أی: من الأعیان، فیلزم انقلاب الربّ مربوبا و المربوب ربّا.
و کون الأعیان موجودة بأنفسها علما و عینا و لأنّها إذا کانت علّة الأسماء کانت متقدّمة علیها بالذات، و الذات الإلهیّة من حیث «هی هی» غنیّة عن العالمین، فبقی أن توجد الأعیان بأنفسها من غیر طلب الأسماء إیّاها، و یلزم انخرام قواعد التوحید.