عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

(فلمّا کان مطلب العزیر1 و2 على الطریقة الخاصّة3 لذلک4 وقع العتب علیه، کما ورد فی الخبر، و لو طلب الکشف الذی ذکرناه5 ربّما کان لا یقع علیه عتب6فی ذلک).
المراد بالطریقة الخاصّة طریق الذوق و هو الاتصاف هنا بصفة القدرة على الاحیاء ذوقا، و إنّما وقع العتب علیه لأنّها من الخصائص الإلهیّة، و یدلّ علیه ما ذکره من بعد: 
(و طلب أن یکون له قدرة تتعلّق بالمقدور).
و یجوز أن یکون المراد بها طریق الوحی، لکنّ الأوّل أولى إذ لا تعتّب على ما یطلبه نبیّ بالوحی إلاّ أن یقال: العتب مترتّب على الطلب على سبیل التعجب و الاستغراب بالنسبة إلى القدرة العظیمة الإلهیّة، و ذلک عین سوء الأدب مع اللّه.
أی: لمّا کان طلب العزیر الاطّلاع على سرّ القدر ذوقا اتصافا بالقدرة، أو بطریق الوحی، إذ هو الطریقة الخاصّة بالأنبیاء لکونهم یحترزون عن النظر بالعقل فی الامور الإلهیّة، خصوصا فی مثل هذا المقام مع الاستغراب و التعجب، وقع العتب علیه، کما ورد فی الخبر من أنّه قیل له: «لئن تنته یا عزیر لا محون اسمک من دیوان النبوّة».
لأنّ مثل هذا السؤال لا یلیق بمن تحقّق بالحقائق الإلهیّة و علم طریقها، و کان الواجب أن یستصغر کلّ عظیم بالنسبة إلى قدرته تعالى، فمن سذاجة قلبه سأل ما سأل على الطریقة الخاصّة حتّى وقع فی معرض العتب، و لو کان على طریق الکشف لحصول الاطمئنان، لا على طریق التعجب و الاستغراب، لما وقع علیه العتب، کما لم یقع على 
________________________________________
(1) . خ ل: عزیر.
(2) . أی طلب معرفة القدر على الطریقة النبویّة، یعنی الإخبار بطریق الوحی (جامی).
(3) . النبویّة و شارع شریعتها المقصور أمر استفاضتها على الوحی خاصّة و الإخبار عن اللّه (ص).
(4) . لمّا طلب المعرفة المذکورة بهذا الطریق وقع العتب (ص).
(5) . أنّه هو الذی به یدرک الأمور قدیمها و حدیثها (ص).
(6) . فإنّ طریق حصول الکشف عن أعین البصائر و الأبصار لا الطریقة الخاصّة النبویّة التی هی الإخبار عن اللّه سبحانه (جامی).
جلد: 2، صفحه: 883
إبراهیم علیه السّلام إِذْ قٰالَ إِبْرٰاهِیمُ رَبِّ أَرِنِی کَیْفَ تُحْیِ اَلْمَوْتىٰ قٰالَ‌...1 الآیة، و هذا المعنى بلسان أهل الظاهر2، لذلک قال فیما بعد: (و أمّا عندنا... الخ).
(و الدلیل على سذاجة قلبه3 قوله فی بعض الوجوه: أَنّٰى یُحْیِی هٰذِهِ اَللّٰهُ بَعْدَ مَوْتِهٰا4 و5).
أی، و الدلیل على سذاجة قلبه قوله: أَنّٰى یُحْیِی هٰذِهِ اَللّٰهُ بَعْدَ مَوْتِهٰا و إنّما قال: 
(فی بعض الوجوه) فإنّ أصحاب التفاسیر اختلفوا فی أنّ المار على القریة الخاویة القائل بهذا الکلام، من کان‌؟
فمنهم من قال إنّه عزیر علیه السّلام و هو قول قتادة، و قال وهب: هوارمیا، و قیل: الخضر، و قال الحسن: کان علجا6 کافرا مرّ على قریة، و کان على حمار، و معه سلّة تبن، و قیل: تین و عنب، و اللّه أعلم.
فمعناه: الدلیل على سذاجة قلبه هذا القول فی بعض الوجوه المذکورة.
(و أمّا عندنا: فصورته علیه السّلام فی قوله هذا7 کصورة إبراهیم علیه السّلام فى قوله رَبِّ أَرِنِی کَیْفَ تُحْیِ اَلْمَوْتىٰ‌ و یقتضی ذلک8 الجواب بالفعل9 الذی أظهره الحقّ‌ 
________________________________________
(1) . البقرة (2):260.
(2) . لأنّ السؤال سؤال من لا تحقّق له بحقائق المخاطبات الإلهیّة (ق).
(3) . من النظر العقلی (جامی).
(4) . فورد الجواب على صورة العتب، و هو لوقوع السؤال عنه عن أمر یقتضی خلاف ما هو بصدده من الرسالة و الأمر و النهی على صیغة الاستبعاد و الاستعظام فی مقام عظیم یصغر بالنسبة إلیه کلّ عظیم، و هو القدرة لکلّ مستبعد عقلا مستعظم، فإنّه تحت قدرة اللّه و بالنسبة إلى کمال اقتداره غیر عظیم، فإن کان مطلبه هو سرّ القدر من کیفیّة تعلّق القدرة بالمقدور من قوله: أَنّٰى یُحْیِی هٰذِهِ اَللّٰهُ بَعْدَ مَوْتِهٰا البقرة (2):261 من طریقة الوحی و الأخبار المعهود عند الرسل فقد طلبه من الوجه الذی لا یعطى، فلا جرم ورد الجواب على صورة العتب الموهم عند من لا تحقّق له بحقائق المخاطبات الإلهیّة (جندى).
(5) . البقرة (2):259.
(6) . علج، بالکسر، گبر عجمى که هیچ دین ندارد. (منتهى الإرب). الرجل من کبار العجم. (قاموس اللغة)
(7) . فإنّ ما قصد من الصورتین أنّما هو إرادة کیفیّة إحیاء الموتى (ص).
(8) . أی السؤال على هذا الوجه (جامی).
(9) . لا بالقول و ذلک الفعل هو الفعل الذی أظهره الحقّ (جامی).
جلد: 2، صفحه: 884
فیه1 فی قوله تعالى: فَأَمٰاتَهُ اَللّٰهُ مِائَةَ عٰامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ‌2 فقال له3: وَ اُنْظُرْ إِلَى اَلْعِظٰامِ کَیْفَ نُنْشِزُهٰا ثُمَّ نَکْسُوهٰا لَحْماً4 فعاین کیف تنبت الأجسام معاینة تحقیق، فأراه الکیفیّة)5.
أی، و أمّا عند أهل الکشف فصورة قوله علیه السّلام من حیث المعنى کصورة قول إبراهیم علیه السّلام: رَبِّ أَرِنِی کَیْفَ تُحْیِ اَلْمَوْتىٰ قٰالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ‌ أی: لیس قوله أَنّٰى یُحْیِی هٰذِهِ اَللّٰهُ بَعْدَ مَوْتِهٰا بمعنى الاستبعاد و التعجب، فإنّ المتحقّق بمقام النبوّة و الولایة، لا یستبعد من اللّه القادر الموجد المحیی الممیت أن یعید الأموات و یوجدهم مرّة اخرى، بل المؤمن بالأنبیاء الکامل فی ایمانه لا یستبعد ذلک، فإنّه یقدح فی ایمانه، فکیف یتصوّر من النبیّ علیه السّلام‌؟ و إنّما هو شأن المحجوبین بالعادة عن القدرة6 الإلهیّة، بل7 بمعنى کیف؛ فإنّه علیه السّلام یطلب أن یریه الحقّ کیفیّة احیاء الموتى، لیکون فی ذلک صاحب شهود. و یقتضی ذلک - أی: السؤال - الجواب بالفعل، فأجابه باماتته و اعادته ثانیا، فیشاهد کیف تنبت الأجسام شهودا محقّقا.
و فی قوله: (کیف تنبت) إشارة إلى ما ذکره فی (الفتوحات) فی الباب الرابع و الستین8 من: «أنّ أجسام الأموات تنبت من عجب الذنب9» الظاهر أنّ المراد به الأجزاء الأصلیّة التی لم تتفتت.
(فسأل10 عن القدر الّذی لا یدرک إلاّ بالکشف للأشیاء فی حال ثبوتها فی عدمها، 
________________________________________
(1) . ببعثه منطویا هذا الفعل من حیث الدلالة علیه فی قوله فأماته اللّه (جامی).
(2) . البقرة (2):259.
(3) . هذا ما یجاب به بلسان الفعل، و أمّا بلسان القول فقال له (ص).
(4) . البقرة (2):259.
(5) . أی کیفیّة إحیاء الموتى لیکون فی ذلک صاحب شهود لا صاحب نظر و استدلال و لا أهل خبر و استخبار (جامی).
(6) . متعلّق ب‍ «المحجوبین».
(7) . أی «أنّى» بمعنى کیف.
(8) . الفتوحات المکّیة.
(9) . عجب بالفتح، بن ذنب (منتهى الإرب).
(10) . ثمّ إذ قد سأل عن عجائب أفعاله و بدائع مقدوراته و أجیب عنها فعلا و قولا و عیانا، فسئل عن القدر، أی مبدأ ذلک المقدور، و مصدر ذلک الفعل، و بیّن أنّ هذا السؤال ممّا یترتّب على إرادة تلک الکیفیّة العجیبة، - - فیکون معطوفا على «فأراه» بدون تمحّل (ص).
جلد: 2، صفحه: 885
فما أعطی ذلک، فإنّ ذلک من خصائص الاطّلاع الإلهیّ‌)1.
«فسأل» لیس عطفا على قوله: (فأراه)؛ إذ السؤال لم یکن بعد الاراءة بل قبلها، فهو استئناف.
و معناه: أنّه سأل اللّه أن یطلعه على سرّ القدر الّذی هو العلم بالأعیان حال ثبوتها فى عدمها، بکیفیة تعلّق القدرة بالمقدور، فما اعطى ذلک فإنّه مخصوص باللّه و بمن أراد أن یطلعه، کما قال: وَ لاٰ یُحِیطُونَ بِشَیْ‌ءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّٰ بِمٰا شٰاءَ‌2، بل أراه کیفیّة الاحیاء فی نفسه، و ما أراه الأعیان لا عین نفسه و لا عین غیره من أهل القریة.
و ما أطلعه على کیفیّة تعلّق القدرة بالمقدر اطّلاعا على سبیل الذوق؛ لأنّه لا یکون إلاّ لصاحب القدرة بالایجاد، فهو من خصائص الاطّلاع الإلهیّ‌، و لا یلزم من شهود کیفیّة الاحیاء الاطّلاع بعین نفسه التی هی الثابتة فی علم اللّه تعالى، و لا الاطّلاع بکیفیّة تعلّق القدرة بالمقدور على سبیل الذوق، و ما یذکر بعد یدلّ على ما ذکرناه.
(فمن المحال أن یعلمه إلاّ هو، فإنّها)3 و4 أی: الأعیان (المفاتح الاول، أعنی: 
مفاتح الغیب التی لا یعلمها5 إلاّ هو).
کما قال تعالى: وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ اَلْغَیْبِ لاٰ یَعْلَمُهٰا إِلاّٰ هُوَ6.
و اعلم، أنّ الأعیان هی المفاتیح7 الاول بالنسبة إلى الشهادة لا مطلقا، فإنّ الأسماء الذاتیّة المقتضیة للأعیان هی المفاتیح الاول مطلقا؛ لأنّها مفاتیح الأعیان و أربابها أیضا.
(و قد یطلع اللّه من یشاء من عباده على بعض الامور من ذلک).
کما قال: وَ لاٰ یُحِیطُونَ بِشَیْ‌ءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّٰ بِمٰا شٰاءَ‌ و قال: عٰالِمُ اَلْغَیْبِ فَلاٰ یُظْهِرُ 
________________________________________
- فیکون معطوفا على «فأراه» بدون تمحّل (ص).
(1) . کما یظهر وجهه فیما بعد (جامی).
(2) . البقرة (2):255.
(3) . أی الأشیاء فی حال ثبوتها فی عدمها (جامی).
(4) . الضمیر عائد إلى القدر و تأنیثه باعتبار الخبر (ص).
(5) . من حیث إنّها مفاتح علم ذوق و وجدان (جامی).
(6) . الأنعام (6):59.
(7) . ص 81 من تمهید القواعد فی المفاتیح.
جلد: 2، صفحه: 886
عَلىٰ غَیْبِهِ أَحَداً إِلاّٰ مَنِ اِرْتَضىٰ مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ یَسْلُکُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً1 و2.

______________________________________

(1) . الجنّ (72):27-26.
(2) . فلا یبرز عنه.