عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

فصّ حکمة نبویّة فی کلمة عیسویّة 
جلد: 2، صفحه: 907
فصّ حکمة نبویّة1 فی کلمة عیسویّة
إنّما نسب الحکمة النبویّة إلى الکلمة العیسویّة لأنّه علیه السّلام نبیّ بالنبوّة العامة2 أزلا و أبدا، و بالنبوّة الخاصّة3 حین البعثة، لذلک انبأ عن نبوّته فی المهد بقوله: آتٰانِیَ اَلْکِتٰابَ وَ جَعَلَنِی نَبِیًّا4.
و أنبأ فی بطن أمّه عن سیادته الأزلیّة بقوله: أَلاّٰ تَحْزَنِی قَدْ جَعَلَ رَبُّکِ تَحْتَکِ سَرِیًّا5 أی: سیّدا على القوم، و لذلک غلب علیه الإنباء عن أحوال الروحانیین، و کانت دعوته إلى الباطن أغلب.
و قیل: إنّها من «نبا، ینبو»6 غیر مهموز، بمعنى ارتفع لارتفاعه إلى السماء، کما قال تعالى: بَلْ رَفَعَهُ اَللّٰهُ إِلَیْهِ‌7.
________________________________________
(1) . إنّما اختصّت الکلمة العیسویّة بالحکمة النبویّة و إن کان جمیع هذه الحکم نبویّة؛ لأنّ نبوّته فطریة غالبة على حاله و قد أنبأ عن اللّه فی بطن أمّه بقوله: أَلاّٰ تَحْزَنِی * (ق).
(2) . أی الإنباء من المعارف.
(3) . أی التشریعیّة.
(4) . مریم (19):30.
(5) . مریم (19):24.
(6) . کدعا یدعو ناقص و اوی بتقدیم النون.
(7) . النساء (4):158.
جلد: 2، صفحه: 908
و لیس المراد بالنبوّة النبوّة التشریعیّة1 التی هی مشترکة بین الأنبیاء لیلزم اشتراکهم فیها، بل المراد بها النبوّة العامّة الأزلیّة، و لا اشتراک لأحد من الأنبیاء و الأولیاء فیها؛ لأنّ النبوّة العامّة نتیجة الولایة2، و الأنبیاء و الأولیاء لا یأخذون الولایة إلاّ من مشکاته3 و4، و هو صاحب هذا المقام أزلا و أبدا لخاتمیته5 و6، کما مرّ فی الفصّ الثانی، فله النبوّة العامّة الأزلیّة بالأصالة، و غیره لا یتصف بالولایة و الانباء إلاّ عند تحصّل شرائطها.
________________________________________
(1) . قال فی الفصّ الشیثی: «و فی قول الشیخ أعنی نبوّة التشریع و رسالته سرّ، و هو أنّ الرسالة و النبوّة تنقسم إلى قسمین: قسم یتعلّق بالتشریع و قسم یتعلّق بالإنباء عن الحقائق الإلهیّة و أسرار الغیوب و إرشاد العباد إلى اللّه من حیث الباطن و إظهار أسرار عالم الملک و الملکوت و کشف أسرار الربوبیّة المستترة بمظاهر الأکوان المنتشر لقیام القیامة الکبرى و ظهور ما ستره الحق و أخفى». (ص 109).
(2) . قال الشیخ فی الفصّ الثانی: «و هو حسنة من حسنات خاتم الرسل» قال الشارح: «أی خاتم الولایة هی صورة درجة من الدرجات و حسنة من حسنات خاتم الرسل و مظهر من مظاهرها».
(3) . حتّى خاتم الرسل، کما مرّ فی الفصّ الثانی، قال الشارح فی ذلک الفصّ‌: «لأنّ عیسى علیه السّلام صاحب هذه المرتبة فی الباطن و الخاتم مظهرها فی الظاهر، و ینکشف هذا المقام لمن انکشف له أنّ للروح المحمّدى مظاهر فی العالم بصور الأنبیاء و الأولیاء، و ذکر الشیخ فی آخر الباب الرابع عشر من الفتوحات: «و لهذا الروح المحمّدی صلّى اللّه علیه و آله و سلم مظاهر فی العالم و أکمل مظاهره قطب الزمان، و فی الأفراد و فی ختم الولایة المحمدیّة و ختم الولایة العامّة الذی هو عیسى علیه السّلام....
و اعلم أنّ الولایة تنقسم إلى المطلقة و المقیّدة، أی العامّة و الخاصّة، لأنّها من حیث هی هی صفة إلهیّة مطلقة و من حیث استنادها إلى الأنبیاء و الأولیاء مقیّدة، و المقیّد متقوّم بالمطلق، و المطلق ظاهر فی المقیّد، فولایة الأنبیاء و الأولیاء کلّهم جزئیّات الولایة المطلقة، کما أنّ نبوّة الأنبیاء جزئیّات النبوّة المطلقة، فإذا علمت ذلک، فاعلم أنّ مراد الشیخ من ولایة خاتم الرسل ولایته المقیّدة الشخصیّة، و لا شکّ أنّ هذه الولایة نسبتها إلى الولایة المطلقة کنسبة نبوّة سائر الأنبیاء إلى نبوّته المطلقة. (ص 113).
(4) . قال القیصری فی الفصّ الثانی: «خاتم الرسل... یتجلّى عن عالم غیبه فی صورة خاتم الأولیاء للخلق...، فخاتم الرسل ما رأى الحقّ إلاّ من مرتبة ولایة نفسه لا من مرتبة غیره، فلا یلزم النقص و مثاله الخازن إذا أعطى بأمر السلطان للحواشی من الخزینة شیئا و للسلطان أیضا فالسلطان آخذ منه کغیره من الأشخاص و الحواشی و لا نقص». (ص 109).
(5) . أی لخاتمیّته الجزئیّة، و الخاتمیّة الکلّیة مختصّة بخاتم الأنبیاء.
(6) . عبارة الشیخ الأجلّ فی الفتوحات هکذا: «و أمّا خاتم الولایة العامّة التی لا یوجد بعده ولیّ فهو عیسى علیه السّلام.
جلد: 2، صفحه: 909
کما أن نبیّنا صلّى اللّه علیه و آله و سلم نبیّ أزلا بالنبوّة التشریعیّة، و غیره من الأنبیاء لا یکون نبیّا إلاّ عند البعثة، و لهذا السرّ جعل هذه الحکمة بعد الحکمة القدریّة، لأنّه بیّن الولایة فیها و جعل لها النبوّة العامّة، و تکلّم علیها بما قدّر اللّه، فأردفها لیتکلّم على بعض خواصّها فی الکلمة العیسویّة، و اللّه أعلم. نظم.