عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

(و ممّا یدلّ على ما ذکرناه فی أمر النفخ الروحانی5 مع صورة البشر العنصری، هو أنّ الحقّ وصف نفسه بالنفس الرحمانی، و لا بدّ لکلّ موصوف بصفة أن یتبع6الصفة7 جمیع ما تستلزمه8 تلک الصفة، و قد عرفت أنّ النفس فی المتنفس9 ما یستلزمه، فلذلک قبل النفس الإلهیّ صور العالم، فهو10 لها11 کالجوهر الهیولانی، و لیس12 إلاّ عین الطبیعة)13.
یرید أن یؤکد ما قرّره أوّلا من أنّ الروح الأمین نفخ الروح العیسوی مع صورة البشر العنصری، لا أنّها کانت مسوّاة قبل النفخ، فنفخ کما لغیره من آدم و أولاده، و قد مرّ 
________________________________________
(5) . شأنه مع صورة (جامی).
(6) . ذلک الموصوف (جامی).
(7) . التی اتّصفت بها (جامی).
(8) . تلک الصفة، فلا بدّ للحقّ الموصوف بالنفس أن یتبع النفس الذی هو من صفاته جمیع ما یستلزمه النفس (جامی).
(9) . حقّا کان أو خلقا (جامی).
(10) . أی النفس الإلهی (جامی).
(11) . أی لصور العالم (جامی).
(12) . أی ذلک الجوهر الهیولانی (ص).
(13) . تطلق على معان منها الطریق إلى الکون و منها ذات الشیء (ص).
جلد: 2، صفحه: 948
مرارا أنّ النفس الرحمانی1 هو التجلّی الوجودی، الذی یتعیّن و یصیر2 أعیانا موجودة، أرواحا کانت أو أجساما، هو العین الجوهر القابل للصور الروحانیّة و الجسمانیّة، و لا بدّ لکلّ ملزوم إذا استلزم شیئا أن یستلزم توابع ذلک الشیء أیضا، لعدم انفکاک اللاّزم عن ملزومه.
و قد علمت أنّ النفس فی المتنفس، أی: الانسان، ما یستلزمه أی: أیّ شیء یستلزمه.
أی، علمت أنّه یستلزم إزالة الکرب و وجدان الراحة و ظهور الکمالات و الکلمات النطقیّة و غیرها، فوصف الحقّ نفسه بالنفس، وصف منه نفسه بجمیع لوازم النفس، و لیس ذلک النفس الذی أصل تلک اللوازم إلاّ عین الطبیعة فی الحقیقة، إذ بها یحصل الفعل و الانفعال فی الفواعل و القوابل و ما یترتّب علیهما، و هی کالصور النّوعیّة للنفس.
فهی أوّل تعیّن عرض على النفس ثمّ بواسطتها تتعیّن الحروف و الکلمات الوجودیّة، کما یعرض أوّلا على النفس الانسانیّة الصوت ثمّ تتعیّن الحروف و الکلمات بمرور النفس مع الصوت على مراتب تظهر فیها الحروف و هی المخارج.
فالطبیعة عبارة عندهم عن معنى روحانی سار فی جمیع الموجودات، عقولا کانت أو نفوسا، مجرّدة3 و غیر مجرّدة، أو4 اجساما، و إن کانت عند أهل النظر عبارة عن القوّة الساریة فی الأجسام، بها یصل الجسم إلى کماله الطبیعی، فما عند أهل النظر نوع من تلک الطبیعة الکلّیة.
________________________________________
(1) . راجع صفحة 150، 133، 70 من «مصباح الأنس» فی الصادر الأوّل، أی ذلک التجلّی الوجودی و أسامیه الشریفة کالتجلّی الساری، و الرقّ المنشور، و النور المرشوش، و أمّ الکتاب، و الخزانة الجامعة، و النفس الرحمانی، و مادّة الموجودات، و الرحمة العامّة، و الرحمة الذاتیّة، و الامتنانیّة، و صورة العماء.
(2) . أی ذلک التجلّی.
(3) . أی تلک النفوس.
(4) . عطف على قوله: «أو نفوسا».
جلد: 2، صفحه: 949
و فی التحقیق نسبة الطبیعة الکلّیة إلى النفس الرحمانی1 و2 بعینها نسبة الصورة النّوعیّة للجسم الکلّی إلى الجسم، فإنّه نوع من أنواع الجوهر، فلا بدّ له من الصورة النّوعیّة و الروحانیّة المقوّمة له، و الامتداد المطلق الذی هو الصورة الجسمیة مستفاد منها، «فلذلک» أی: فلذلک الاستلزام للطبیعة الکلّیة قبل النفس الإلهیّ صور الموجودات الروحانیّة و الجسمانیّة، کما قبل النفس صور الحروف و الکلمات بواسطة الصوت.
«فهو لها» أی: فالنفس لصور العالم کالجوهر الهیولانی الذی للأجسام؛ لأنّها فائضة علیه3 متعیّنة فیه4، فلیس ما یستلزم النفس الرحمانی إلاّ عین الطبیعة الکلّیة، و الصور فائضة علیها فالعناصر أیضا صورة من صور الطبیعة کما یذکر، و کان نفخ روح الأمین نفسه منضما مع الصورة العنصریّة، و هو المطلوب.
(فالعناصر صورة من صور الطبیعة، و ما فوق العناصر5 و6 و ما تولّد7 عنها فهو8 أیضا من صور الطبیعة).
أی، الصور النّوعیّة التی للعناصر - روحانیّة کانت أو جسمانیّة - هی من جملة الصور الفائضة على الطبیعة الکلّیة، و الصور التی فوق العناصر الأربعة - 
________________________________________
(1) . الطبیعة الکلّیة هی النفس الرحمانی، و سیأتی فی الفص المحمّدی صلّى اللّه علیه و آله و سلم النفس الرحمانی و الطبیعة شیء واحد بحسب الحقیقة و تغایرهما بالاعتبار.
(2) . اعلم أنّ النفس الرحمانی و الطبیعة شیء واحد بحسب الحقیقة و تغایرهما بالاعتبار، فهذا الوجود الفعلیّ من حیث إنّه فائض من الواجب المتنفّس نفس، و من حیث إنّه مبدأ الفعل باعتبار إظهاره للتعیّنات و الانفعال بأنّها تقیّده بها طبیعة کلّیة، فهذه الحالة - أی کونه مبدأ للفعل و الانفعال - أوّل تعیّن و حالة تعرض للنّفس الرحمانی عروضا عقلیّا.
(3) . أی على النفس.
(4) . أی فی النفس.
(5) . التی هی اصول المرکّبات العنصریّة فوقیّة مرتبیّة (جامی).
(6) . أی العرش و الکرسی و متعلّقاتها، و العقول و النفوس المجرّدة أی التی خارجة عن عالم العناصر. و قوله فیما بعد «و هی الأرواح العلویّة» مؤیّد لهذا و إلاّ لم یکن لقوله «هی» مرجع مستعدّ فی العبارة.
(7) . أی ما تولّد من العناصر کالموالید الثلاثة، أی ما فوق العناصر و ما تحت العناصر کلّه صور طبیعیّة.
(8) . أی ما فوق العناصر و ما هو مقولة من العناصر (جامی).
جلد: 2، صفحه: 950
کصور السماوات السبع و ما تولّد منها من صور الملائکة السماویة - أیضا من صور الطبیعة.
فضمیر «عنها» راجع إلى ما، أنثه باعتبار الکثرة التی فی معناها، و هی1 صور السماوات و صور الملائکة المتولّدة من السماوات، و یجوز أن یکون راجعا إلى العناصر.
و معناه: و الصور التی فوق العناصر التی هی السماوات، و فوق ما تولّد من العناصر بعد وجود السماوات و هی صور الملائکة السماویة، فهی أیضا من صور الطبیعة.
و لمّا کانت السماوات و ما تولّد منها عنصریّة، و ما فوقها من صور العرش و الکرسی و الملائکة التی فیها طبیعة غیر عنصریّة، قال:
(و هی الأرواح العلویّة التی فوق السماوات السبع).2 و3
فالضمیر عائد إلى الصور التی هی فوق العناصر و السماوات المعبّر عنها بقوله: 
(و ما فوق العناصر و ما تولّد عنها فهو ایضا من صور الطبیعة).
أی: الصور التی فوق السماوات هی صور الأرواح، أی: الملائکة العلویّة التی للعرش و الکرسی و ما فوقهما من العقول و النفوس المجرّدة.
و إنّما جعل السماوات داخلة فی العناصر لتولّدها منها، کما جاء فی الحدیث «أنّها خلقت من دخان العناصر» و قال تعالى: ثُمَّ اِسْتَوىٰ إِلَى اَلسَّمٰاءِ وَ هِیَ دُخٰانٌ‌4 لذلک قال:
 

________________________________________

(1) . أی الصور التی فوق العناصر.
(2) . و هی الملائکة، للعرش الکرسی و ما فوقهما (جامی).
(3) . هکذا مذهب الصوفیّة و أهل الشرع و کثیر من العلماء [خ ل: الحکماء]. الإسلامیین و القدماء الإشراقیّین (ق).
(4) . الدخان (4):11.