شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
و لیس غرضنا من هذه المسألة إلاّ الکلام و التنبیه على الرحمتین، اللّتین ذکرهما سلیمان فی الأسمین، اللّذین تفسیرهما بلسان العرب «الرحمن الرحیم»)12.
________________________________________
(12) . فإنّه علیه السّلام لم یکن ممّن یتکلّم بلسان العرب (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1004
نبّه1 بهذا الکلام على أنّ الأسماء اللّفظیّة أسماء الأسماء الإلهیّة، و هی عبارة عن الحقائق الإلهیّة و أعیانها التی هی مظاهرها2، کما مرّ بیانه فی المقدّمات.
(فقیّد3 رحمة الوجوب)4 کما قال: بِالْمُؤْمِنِینَ رَؤُفٌ رَحِیمٌ5... و قال:
فَسَأَکْتُبُهٰا لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ6.
(و أطلق رحمة الامتنان7 فی قوله: وَ رَحْمَتِی وَسِعَتْ کُلَّ شَیْءٍ حتّى الأسماء الإلهیّة، أعنی: حقائق النسب)8 و9.
و إنّما فسّر بقوله: (أعنی: حقائق النّسب)؛ لأنّ الأسماء تدلّ على الذات الإلهیّة مع خصوصیات تتبعها، و بها تصیر الأسماء متکثّرة، فإنّ الذات الواحدة لا تکثّر فیها، و الذات لا تدخل فی حکم الرحمة لتکون مرحومة، فتعیّنت الخصوصیات و هی النّسب.
(فامتنّ علیها بنا،10 و11 و12 فنحن نتیجة رحمة الامتنان13 بالأسماء الإلهیّة
________________________________________
(1) . لأنّه قال سابقا: «و الهویّة مندرجة فیه» أی فی اسمه لا غیره، و قال هاهنا: «الاسمین اللذین تفسیر هما بلسان العرب».
(2) . لأنّ الموجودات الخارجة أیضا أسماء.
(3) . الحقّ سبحانه فی کلامه (جامی).
(4) . سیأتى الکلام فی رحمتی الوجوب و الامتنان فی آخر الفصّ الزکریّاوی.
(5) . التوبة (9):128.
(6) . الأعراف (7):156.
(7) . الّتی هى الأخرى من تینک الرحمتین (جامی).
(8) . التی لا تحقّق لها فی أعیانها إلاّ باللّه و الرحمة الذاتیّة. (جندی).
(9) . إنّما فسّر الأسماء بحقائق النسب؛ فإنّ الأسماء من حیث خصوصیّاتها الامتیازیّة التی بها تغایر الذات، لها مرتبتان: إحداهما عند وجود النسبة بظهور المنتسبین کلیهما، و یسمّى أسماء الربوبیّة، و الأخرى أقدم منها رتبة و أبطن نسبة، و ذلک عند فقد أحد المنتسبین وجودا، أعنی المعلوم و المقدور.
و المراد فإنّه لیس لها فی الحضرات الأول إلاّ محض الاعتبار، و تسمّى بالأسماء الإلهیّة، فهی حقائق النسب و بواطنها (ص).
(10) . لظهورها بأعیاننا (ص).
(11) . أی فامتنّ على الأسماء بوجودنا، یعنى الکمال من نوع الإنسان (ق).
(12) . یعنی نوع الإنسان فأوجدنا لیکون مظاهر آثارها و مجالی أنوارها (جامی).
(13) . المتعلّق بالأسماء (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1005
و النّسب الربانیّة).
أی، فامتنّ على الأسماء بوجودنا، فإنّا مظاهر أحکامها و مجاری أقدارها و مرائی أنوارها، فنحن نتیجة تلک الرحمة الامتنانیّة، فلزم وجودنا منها أوّلا فی العلم، و ثانیا فى العین کما مرّ تحقیقه فی المقدّمات.
و لا ینبغی أن یتوّهم أنّ قوله: (بنا) و (نحن) مخصوص بالکمّل کما ذهب إلیه بعض العارفین1، فإنّ الکمّل منّا مظاهر کلّیات الأسماء، و غیر الکمّل مظاهر جزئیاتها التالیة لها، بل قوله: (بنا) إنّما هو من لسان العالم کلّه شریفا کان أو حقیرا، فإنّ لکلّ منها ربّا یربّه و هو الاسم الحاکم علیه، و الحقّ رحم جمیع الأسماء لا بعضها دون البعض.
(ثمّ أوجبها2 على نفسه بظهورنا لنا).
أی، أوجب الرحمة على نفسه لیرحمنا بالرحمة الرحیمیّة الموجبة للکمال، عند معرفتنا أنفسنا، و ظهور حقائقها علینا.
(و اعلمنا أنّه هویّتنا لنعلم أنّه ما أوجبها على نفسه إلاّ لنفسه فما خرجت3 و4 و5الرحمة عنه فعلى من امتنّ، و6 ما ثمّة إلاّ هو7 و8).
هذا عن لسان غلبة حکم الأحدیّة، و معناه ظاهر.
(إلاّ أنّه لا بدّ من حکم لسان التفصیل)9.
________________________________________
(1) . و هو عبد الرزّاق.
(2) . أی الرحمة (جامی).
(3) . «ما» نافیة، أی ما خرجت الرحمة إلى غیره بل إلى نفسه.
(4) . فهو الراحم و المرحوم، امتنانیّة کانت الرحمة أو وجوبیّة (ص).
(5) . إلى غیره بل إلى نفسه (جامی).
(6) . الواو حالیّة.
(7) . و هذا عن لسان غلبة الوحدة و الإجمال، و لمّا کان هناک جهة کثرة و تفصیل أیضا نبّه علیه بقوله: «إلاّ أنّه» (جامی).
(8) . هذا مقتضى لسان الإجمال الذی عبّر عن صرف الوحدة الإجمالیّة، و کأنّک قد عرفت غیر مرّة أنّه لبیان تمام التوحید لابدّ ممّا یشعر بطرف التفصیل منها؛ لئلاّ یتوهّم الوحدة العددیّة المقابلة لکثرة، على ما هو المتبادر إلى سائر الطبائع، و إلیه أشار بقوله: «إلاّ أنّه لا بدّ» (ص).
(9) . الکثرة و التفصیل أیضا (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1006
لأنّ الکثرة واقعة، لا یمکن رفعها.
(لما ظهر من تفاضل الخلق فی العلوم، حتّى یقال: إنّ هذا أعلم من هذا، مع أحدیّة العین).
و هذا التفاضل من تفاوت الأعیان و استعداداتها بحسب القوّة و الضعف، و الظهور و الخفاء، و القرب و البعد، من الاعتدال الحقیقیّ الروحانی و الجسمانی، مع أنّ الذات الظاهرة بهذه الصور واحدة لا تکثّر فیها.