شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(ثمّ إنّه1 و2 کیف یقدّم سلیمان اسمه3 على اسم «اللّه» کما زعموا4، و هو من جملة من أوجدته الرحمة5).
أی، الرحمة الرحمانیّة، و «الرحمان» الذی هو الموجد له متأخّر عن اسم «اللّه»، فمعلوله و مرحومه بالطریق الأولی أن یتأخّر عنه.
(فلا بدّ أن یتقدّم6 «الرحمن الرحیم» لیصحّ اسناد المرحوم)7.
أی، فلا بدّ أن یتقدّم الاسم «اللّه» و «الرحمن» الذی یوجد سلیمان على «الرحیم»، و «الرحیم» الذی یخصّه بالکمالات على المرحوم الذی هو سلیمان، لأنّ العلّة بالذات متقدّمة على معلولها، لیصحّ اسناد المرحوم إلى راحمه و موجده.
(هذا8 عکس الحقائق، تقدیم9 من یستحقّ التأخیر، و تأخیر من یستحقّ
________________________________________
(1) . لمّا فرغ عمّا وقع فی البین رجع إلى مقصوده فقال: «ثمّ إنّه کیف...» (جامی).
(2) . و إذ قد بیّن التفصیل بما هو مقتضى لسانه على ما لا بدّ منه، أخذ فیما هو بصدده فی الفصّ قائلا: «ثمّ إنّه کیف...» (ص).
(3) . فی مکتوبه إلى بلقیس (جامی).
(4) . أی الظاهریون من أهل التفسیر (جامی).
(5) . المسبوقة باللّه (ص).
(6) . علیه وضعا، لیصحّ اسناد المرحوم إلیها على وجه یوافق فیه الوضع الطبع، أو فلا بدّ أن یتقدّما فی نفس الأمر و یتحقّقا أوّلا بعلّتیهما (جامی).
(7) . یعنی سلیمان، فإنّک قد عرفت أنّ المقدّم - ذکرا أو فکرا أو کتابة - من الأسماء لا بدّ و أن یکون أصلا لما یتأخّر و یتفرّع علیه حتّى یکون على ترتیب نظم الحقائق، فإنّ المستحقّ للتقدیم فی کلّ جمعیّة و مزاج أنّما هو الأمر الکلیّ النافذ الحکم فیما دونه من الجزئیات المتفرّعة عنه، فإنّ رتبة الجزئیات المتفرّعة إنّما هو التأخیر، فلا بدّ من تأخیر سلیمان، فلو قدّم على الاسمین یکون على غیر الترتیب (ص).
(8) . أی ما زعموا (جامی).
(9) . بیان لقوله: «عکس الحقائق».
جلد: 2، صفحه: 1013
التقدیم1 فی الموضع الذی یستحقّه2).
أی، هذا القول الذی قیل فی سلیمان عکس ما تقتضیه علوم الحقائق من تقدیم من یستحقّ التأخیر و هو سلیمان، و تأخیر من یستحقّ التقدیم و هو اللّه و اسماؤه فی موضع لا یستحقّ إلاّ التقدیم، فإنّ العادة فی ابتداء الامور تقدیم اسم الحقّ علیها، کما قال رسول اللّه صلّى اللّه علیه و آله و سلم: «کلّ أمر ذی بال لم یبدأ فیه ببسم اللّه الرحمن الرحیم فهو أبتر»3.
فقوله: (تقدیم) یجوز أن یکون خبرا للمبتدأ المحذوف، أی: هو تقدیم، أو عطف بیان لهذا.
(و من حکمة بلقیس4 و علو علمها).
أی، و من حکمة معارفها، و علو مرتبة علمها.
(کونها5 لم تذکر من ألقى إلیها الکتاب6، و ما عملت ذلک إلاّ لتعلم أصحابها) من الاعلام، أی: عملت بلقیس ذلک لتعلم و تخبر توابعها.
(أنّ لها اتصالا إلى امور7 لا یعلمون طریقها)8.
أی، إلى أسرار و معانی من عالم الجبروت و الملکوت لا یعلمون طریق الوصول إلیها.
(و هذا من التدّبیر الإلهیّ فى الملک، لأنّه إذا جهل طریق الاخبار الواصل للملک9خاف أهل الدولة على أنفسهم فی تصرّفاتهم، فلا یتصرّفون إلاّ فی أمر إذا وصل إلى
________________________________________
(1) . یعنی اللّه الرحمن الرحیم (جامی).
(2) . أی لا یلیق بکمال علم سلیمان علیه السّلام تأخیر اسم اللّه سیّما فی موضع الاستحقاق، الذی هو أول الکلام و صدر الکتاب و مفتتح الدعوة إلى الحقّ (ق).
(3) . بحار الأنوار ج 76 ص 305، ج 1.
(4) . ثمّ أشار إلى وجه نسبة بلقیس إلى سلیمان و الرابطة القاضیة بینهما بهذه المراسلة و ما یتبعها من الهدایة و الاهتداء، بما فی بلقیس من تدبیر سیاسة الملک و تأسیس بنیان السلطنة و إرهاص أمرها (ص).
(5) . بحیث لم تذکر (جامی).
(6) . حیث قالت: أُلْقِیَ إِلَیَّ کِتٰابٌ کَرِیمٌ على صیغة المبنیّ للمفعول (جامی).
(7) . من أمور الملک و الحوادث التی تتجدّد فیه (جامی).
(8) . الذی منه وصل العلم بها إلى بلقیس (جامی).
(9) . أی إلى الملک (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1014
سلطانهم عنهم، یأمنون غائلة ذلک التصرّف، فلو تعیّن لهم1 على یدی من تصل الاخبار إلى ملکهم لصانعوه2 و أعطوا له الرشى).
«الرشى» جمع رشوة، فلو تعیّن لهم أنّ الاخبار على یدی من یصل إلى الملک لخدموه، و أعطوا له أنواعا من الرشوة.
(حتّى یفعلوا ما یریدون، و لا یصل ذلک إلى ملکهم، فکان قولها: أُلْقِیَ3 إِلَیَّ و لم تسمّ من ألقاه سیاسة منها، أورثت الحذر منها فی أهل مملکتها و خواصّ مدبّریها، و بهذا4 استحقّت5 التقدم6 علیهم7).
کلّه ظاهر.
________________________________________
(1) . أنّه على یدی (جامی).
(2) . أی عاملوه (جامی).
(3) . على صیغة المبنیّ للمفعول (جامی).
(4) . أی بهذا الوجه من المناسبة التی بینها و بین سلیمان (ص).
(5) . بلقیس (جامی).
(6) . و الاختصاص بالمکاتبة إلیها، هذه حکمة بلقیس التی هی عالمة الجنّ (ص).
(7) . بالسلطنة (جامی).