عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

و قال فی حقّ داود علیه السّلام: وَ لَقَدْ
________________________________________
جلد: 2، صفحه: 1043
آتَیْنٰا دٰاوُدَ مِنّٰا فَضْلاً1 و2 فلم یقرن3 به جزاء یطلبه منه).4 و5
أی، فلم یقرن الحقّ ما أعطاه لداود جزاء، أی: عملا یطلب الحقّ إیّاه من داود علیه السّلام.
(و لا أخبر أنّه أعطاه هذا الذی6 ذکره جزاء،7 و لمّا طلب الشکر على ذلک8 و9بالعمل10 طلبه من آل داود، و لم یتعرّض لذکر داود لیشکره11 الآل على ما أنعم به على داود).
لأنّ الانعام على نبیّ امّة فی الحقیقة أیضا انعام على تلک الأمّة، فأوجب الشکر علیهم.
(فهو فی حقّ داود عطاء نعمة و افضال، و فی حقّ آله على غیر ذلک، لطلب المعاوضة،12 فقال تعالى13: اِعْمَلُوا آلَ دٰاوُدَ شُکْراً14 وَ قَلِیلٌ مِنْ عِبٰادِیَ‌
________________________________________
(1) . سبأ (34):10.
(2) . إنّ اللّه جمع لداود علیه السّلام بین الخلافة الحقیقیة المعنویّة الإلهیّة و بین الخلافة الظاهرة بالسیف و التحکّم الکلیّ فی العالم، و أعطاه النبوّة و الحکمة و فصل الخطاب و الملک و التحکم الکامل و السلطان و الحکم الشامل فی جمیع أنواع العالم و اجناسه، بکمال ظهور حکم ذلک فی سلیمان علیه السّلام فإنّه حسنة من حسنات داود علیه السّلام. (جندی).
(3) . أی بالفضل الذی آتاه داود علیه السّلام (جامی).
(4) . کالشکر مثلا (جامی).
(5) . بل نسب ذلک إلى نفسه و قال: مِنّٰا (ص).
(6) . من الفضل جزاء لعمل من أعماله (جامی).
(7) . بل نصّ على أنّه کان فضلا و عطاء (ص).
(8) . النعمة الجلیلة (ص).
(9) . الفضل (جامی).
(10) . الذی هو مقتضى حکمه (ص).
(11) . و إنّما طلب من آل داود (جامی).
(12) . بالأعمال القلبیّة و الجوارحیّة؛ شکرا لتلک النعمة. و هذا الطلب من آل داود ممّا علیه داود من الخلافة المطلقة المنصوص علیها، فإنّه إذا کان یطلب من غیره المستخلفین علیهم الأعمال شکرا على ما أنعم على داود یکون غایته فی تعظیم خلافته و جلال قدره، سیّما إذا طلب ذلک من أهل الخلیفة الذین هم مجبولون على التنافس و التباغض، فإنّ دلالته على جلالة قدر الخلیفة أکثر و أظهر (ص).
(13) . آمرا لهم طالبا منهم الشکر بالعمل (جامی).
(14) . فعلم أنّ انتصاب شُکْراً إمّا على التمییز، و إمّا على أنّه مفعول لأجله. ثمّ إنّ الشکر و إن لم یکن مطلوبا من الأنبیاء علیهم السّلام و لکن لم یزل یواظبون علیه، و ذلک الشکر هو البالغ فی الشکریّة، و إلى ذلک أشار بقوله تعالى: وَ قَلِیلٌ مِنْ عِبٰادِیَ اَلشَّکُورُ و إلیه نبّه بقوله: «و إن کانت» (ص).
جلد: 2، صفحه: 1044
اَلشَّکُورُ1 و2، و إن کانت الأنبیاء علیهم السّلام قد شکروا للّه تعالى على ما أنعم به علیهم و وهبهم،3 فلم یکن ذلک عن طلب من اللّه بل تبرّعوا بذلک4 و5 من نفوسهم، کما قام رسول صلّى اللّه علیه و آله و سلم حتّى تورّمت قدماه6 شکرا لما غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، فلمّا قیل له فی ذلک قال: «أفلا أکون عبدا شکورا»7، و قال فی نوح علیه السّلام إِنَّهُ کٰانَ عَبْداً شَکُوراً8، و الشکور من عباد اللّه تعالى قلیل9.
فأوّل نعمة أنعم اللّه بها على داود أن أعطاه اسما لیس فیه حرف من حروف الاتصال»10.
أی، لیس فیه حرف یتصل بما بعده، و اتصال ما قبله من الحروف به و اتصاله بما قبله 
________________________________________
ثمّ إنّ الشکر و إن لم یکن مطلوبا من الأنبیاء علیهم السّلام و لکن لم یزل یواظبون علیه، و ذلک الشکر هو البالغ فی الشکریّة، و إلى ذلک أشار بقوله تعالى: وَ قَلِیلٌ مِنْ عِبٰادِیَ اَلشَّکُورُ و إلیه نبّه بقوله: «و إن کانت» (ص).
(1) . فداود علیه السّلام لیس یطلب منه الشکر على ذلک العطاء (جامی).
(2) . سبأ (34):13.
(3) . إیّاهم (جامی).
(4) . الشکر الواقع منهم منبعثا (جامی).
(5) . أی من عند نفوسهم (جامی).
(6) . من غیر أن یکون مأمورا بالقیام على هذا الوجه (جامی).
(7) . الإسراء (17):3.
(8) . صحیح البخاری ج 2 ص 63؛ صحیح مسلم ج 4 ص 2171؛ المسند لأحمد بن حنبل ج 4 ص 251.
(9) . و ذلک لأنّ الشکر البالغ إلى کماله التامّ فیه هو أن یکون بلا طلب من المنعم الواهب، و هو إنّما یکون للکمّل من الأنبیاء الذین تصل إلیهم النعم من دیوان الوهب کما عرفت.
ثمّ إنّ الخلافة التی تحقّق بها داود، أنّما تقتضی التصرّف و التأثیر فی العالم، و هو أنّما یتصوّر بعد قطعه عن العالم، ضرورة أنّ المتأثّر ما لم ینفصل عن المؤثّر فیه - انفصال قطع یقابله به - لم یتمکّن من التصرّف فیه و التسلّط علیه کلّ التسلط فأوّل نعمة (ص).
(10) . و هی الحروف التی من شأنها أن یتصّل بما بعدها، فالاتّصال و الانفصال أنّما یعتبران بالنسبة إلى ما بعد، و أمّا بالنسبة إلى ما قبل فکلّ الحروف تقبل الاتّصال (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1045
فی غیر هذا الاسم، لا یوجب کونه من حروف الاتصال مطلقا.
(فقطعه1 عن العالم بذلک2 اخبارا3 لنا عنه بمجرّد هذا الاسم4 و5، و هی الدال و الألف و الواو)6.
«اخبارا» منصوب بفعل مقدّر، تقدیره: أعطاه اسما لیس فیه حرف من حروف الاتصال، و جعله اخبارا لنا عنه، أو فأخبر ذلک الاسم اخبارا لنا، أو حال من الاسم، أو من ضمیر الفاعل فی «قطعه» أی: مخبرا.
و لمّا کان بین الاسم و المسمّى عند أهل الحقیقة مناسبة جامعة، أشار بأنّ کون اسمه من حروف منقطعة بعضها عن البعض فی الوجود، إشارة من اللّه و اخبار لنا أنّه تعالى قطعه عن العالم، إذ الحروف متکثّرة، و الکثرة للعالم کما أنّ الوحدة للحقّ‌.
فانقطاع بعضها عن البعض یوجب اتصال کلّ منها إلى نفسه و حقیقته التی هو بها هو، فالمنقطع عن العالم و الکثرة و اصل إلى حقیقته الواحدة و هو الحقّ‌، لذلک قیل: 
«الاستئناس بالناس یوجب الافلاس».

 ________________________________________

(1) . أی نبّه على قطعه عن العالم (جامی).
(2) . أی بأن أعطاه اسما لیس فیه حرف الاتّصال (جامی).
(3) . «إخبارا» مفعول له من «قطعه» لا غیر (ص).
(4) . من غیر نظر إلى شیء آخر (جامی).
(5) . الحروف تنقسم إلى ما یتّصل و یتّصل به - و هی حروف الإتّصال، و أکثر الحروف کذلک - و إلى ما یتّصل و لا یتّصل به، بل تنقطع به الکلمة و تنفصل، فهو جهة تمامها و هی حروف الانفصال، و ذلک ستّة یجمعها «روزداذ» و إلى ما لا یتّصل و لا یتّصل به، و هذا غیر ظاهر و لا معدود فی الحروف... و هذا هو الهمزة فقط (ص).
(6) . فإنّ المناسبة بین الاسم و المسمّى ممّا یفهمها أهل الحقیقة (جامی).