شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(و إنّما قلنا1 هذا من أجل من یرى أنّ أهل النار لا یزال غضب اللّه علیهم دائما أبدا فی زعمه، فما لهم حکم الرضا من اللّه، فصحّ المقصود)2.
أی، إنّما قلنا لا یتعلّق حکم الرضا على من یتعلّق به حکم الغضب علیه و بالعکس، بناء على زعم أهل الحجاب من أهل النار لا یزال حکم الغضب جار علیهم دائما أبدا، و لا یتعلّق بهم حکم الرضا من اللّه.
فإن کان الأمر کما زعموا فصحّ المقصود، فقوله: (فصحّ المقصود) جواب الشرط المحذوف، یدلّ علیه قوله:
(فإن کان کما قلنا3: مآل أهل النار إلى ازالة الآلام و إن سکنوا النار،4 فذلک رضا،5 فزال الغضب لزوال الآلام، إذ عین الألم عین الغضب إن فهمت).
أی، فإن کان مآل أهل النار إلى ازالة الآلام و النعیم المناسب لأهل الجحیم کما قرّرناه من قبل فی مواضع، و ذلک عین الرضا منهم؛ لأنّ زوال الألم عین زوال الغضب، و إذا زال الغضب حصل الرضا.
و إنّما قال: (فإن کان کما قلنا) مع أنّه على یقین من ربّه أنّ الأمر کما قال إلزاما للمحجوبین، و ذلک کما قال أمیر المؤمنین علیه السّلام فی بعض أشعاره:
________________________________________
(1) . الکلام هاهنا و هو أنّه لا بدّ من إنفاذ حکم أحد المتقابلین - أعنی الرضا و الغضب - بالنسبة إلى العبد، و لا یزال العبد تحت أحدهما من أجل من یرى (ص).
(2) . فإن کان الأمر کما زعموا فصحّ المقصود، یعنی وجود المیل و عدم الاعتدال (جامی).
(3) . مرارا و قرّرناه (جامی).
(4) . و بقیت علیهم الصورة الناریّة (جامی).
(5) . اللّه عنهم؛ لأنّه زال تألّمهم بها (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1113
قال المنجّم و الطبیب کلاهما لن تحشر الأجساد1 قلت: إلیکما
إن کان قولکما، فلست بخاسر، أو کان قولی، فالخسار علیکما مع أنّه علیه السّلام قال: «لو کشف الغطاء ما ازددت یقینا).
(فمن2 غضب3 فقد تأذّى، فلا یسعى فی انتقام المغضوب علیه4 بایلامه إلاّ لیجد الغاضب الراحة بذلک، فینتقل الألم الذی کان عنده إلى المغضوب علیه، و الحقّ إذا أفردته عن العالم5 یتعالى علوّا کبیرا عن هذه الصفة6 و7 على هذا الحدّ،8
________________________________________
(1) . خ ل: «الأموات». البیتان لعلى بن ابى طالب القیروانی الأندلسی.
(2) . ثمّ شرع فی بیان ما یضاف إلى الحقّ من الغضب باعتبار مقامی: جمعه و تفصیله، فقال: «فمن غضب» (جامی).
(3) . من الخلائق (جامی).
(4) . فلا یزال هذا المیل متحققّا، فعلم أنّ هذا الکلام یوافق عقائد أهل الظاهر و یطابق أذواق أهل الباطن، ثمّ إنّه لمّا کان سوق کلامه هذا إلى مساقه المذکور مع أهل الظاهر و لأجلهم نزّله إلى مدارکهم الجزئیّة، لأنّ أمثال هذه الأحکام التی قیل للغضب و الغاضب من الانتقام و الالتذاذ به تختصّ به المظاهر الکونیّة، و الکلام فی صفات اللّه تعالى على ما هی علیه فی نفسها عند أهل التحقیق فی مشهدهم الذوقی؛ لذلک أشار إلى وجه تحقیق الأمر بما عنده بقوله: «و الحقّ إذا أفردته» (ص).
(5) . باعتبار غناه الذاتی عن العالمین (جامی).
(6) . یعنی الغضب (جامی).
(7) . فإنّک قد عرفت أنّ أحکام هذه الأسماء المتقابلة و ظهورا تنافیها و تقابلها لیس إلا باعتبار المحکوم علیه و ملاحظة المظاهر الکونیّة، و إذا أفردت الحقّ عنها فله الإطلاق فی سائر هذه الأسماء و التقدّس بها عنها.
و فی بعض النسخ: «على هذا الحدّ».
و أنت عرفت أنّ الکلام بإطلاقه صحیح، فلا احتیاج إلى هذا القید الاّ لمجرّد تبیین خصوصیّة المحلّ، و الظاهر أنّه کان من الحاشیة فوقع فی المتن (ص).
(8) . أی بهذا المعنى المذکور (جامی).