عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

(و قد علمت1 أنّ القرب و البعد أمران اضافیان،2 فهما نسبتان لا وجود لهما فی العین3 مع ثبوت أحکامهما فی القریب و البعید).

ألا ترى إلى الحقّ تعالى إذا تجلىّ لعین من الأعیان یقرب منه کلّ بعید فیشاهده شهودا عیانیّا، کما یقرب البعید بالمسافة من عین الناظر إلیه، و إذا اختفى4 عن عین یبعد منه کلّ قریب لغلبة الظلمة و استیلائها علیها، مع أنّ هویّته تعالى فی هذیّة کلّ عین، فالقرب و البعد أمران اضافیان بالنسبة إلى الأعیان و استعداداتها.

(و اعلم،5 أنّ سرّ اللّه6 فی أیّوب الذی جعله اللّه عبرة لنا و کتابا مسطورا حالیّا، تقرأه هذه الأمّة المحمّدیة لتعلم ما فیه7، فتلحق بصاحبه8 تشریفا لها)9.

أی، السرّ فی قصّة أیّوب علیه السّلام الذی جعل اللّه عینه مع أحوالها عبرة لنا، و کتابا مسطورا مقروأ بلسان الحال ما کتب فیها، یقرؤه عرفاء هذه الامّة المحمّدیة لیعلم ما فیه من الأسرار، و هو إظهار الماء المطهّر للظاهر و الباطن من أرض نفوسهم، و طلب الفناء فی اللّه، و تحمّل المشاق و الصبر على المجاهدات، فتلحق بمقامه، فیکون 

________________________________________

(1) . ثمّ إنّه یمکن أن یقال: إنّ حکم القریب أنّما هو القرب، کما أنّ حکم البعید هو البعد، فکیف جعل حکم القریب هو البعد؟ فدفع ذلک بقوله: «و قد علمت» (ص).

(2) . یحصلان من إضافة أحد الشیئین إلى آخر، فهما نسبتان بین أطرافهما (جامی).

(3) . فلئن قیل: فکیف یکون الشیطان هو البعد، و له وجود خارجى کما لا یخفى‌؟

قلنا: إنّ البعد المطلق - من حیث هو هو - و إن لم یکن له وجود عینی، و لکن أفراده المشخّصة منه موجودة فی الخارج، و هو البعد المشخّص فی البعید، و إلى ذلک أشار بقوله: «مع ثبوت أحکامهما» (ص).

(4) . أی الحقّ‌.

(5) . ثمّ إنّ - هاهنا - سرّا عزیزا یدلّ على علوّ ذوق أیوّب فی العلم باللّه و على قرب صاحب هذه الإضافات المتقابلة من الذات، و هی أنّ أبین وصف للهویّة الذاتیّة الإطلاقیّة هو جمعیّة الأضداد - کما عرفت غیر مرّة - و قد أشیر فی قوله: مَسَّنِیَ اَلشَّیْطٰانُ‌ إلى تلک الجمعیّة، على ما لا یخفى على الفطن، و إلیه أشار بقوله: «و اعلم أنّ سرّ اللّه» (ص).

(6) . المودع فی أیوب هو السرّ الذی جعله (جامی).

(7) . أی فی هذا الکتاب المسطور (جامی).

(8) . یعنی صاحب الکتاب (جامی).

(9) . أی لهذه الأمّة (جامی).

جلد: 2، صفحه: 1120

هذا الاخبار تشریفا لها1.

(فأثنى اللّه علیه، أعنی: على أیّوب بالصبر مع دعائه فی رفع الضرّ عنه، فعلمنا أنّ العبد إذا دعا اللّه فی کشف الضرّ عنه لا یقدح2 فى صبره)3.

بل عدم الدعاء بکشف الضرّ مذموم عند أهل الطریقة؛ لأنّه کالمقاومة مع اللّه، و دعوى التحمّل بمشاقه4 کما قال الشیخ المحقّق ابن الفارض (رضى اللّه عنه).

و یحسن إظهار التجلّد للعدى5و یقبح غیر العجز عند الأحبّة (و إنّه صابر،6 و إنّه نعم العبد کما قال)7.

أی، کما قال اللّه تعالى فی حقّه: نِعْمَ اَلْعَبْدُ.

(إِنَّهُ أَوّٰابٌ‌8، أی: رجّاع إلى اللّه لا إلى الأسباب، و الحقّ یفعل عند ذلک9بالسبب)10.

أی، الحقّ یعطی ما یطلبه على ید عبد من عبیده، فیجعله سببا.

(لا أنّ العبد یستند إلیه).

أی: إلى السبب، و فی بعض النسخ: (لأنّ العبد یستند إلیه) أی: لأنّ وجود العبد مستند إلى اللّه تعالى، فینبغی أن یرجع إلى مستنده.

(إذ الأسباب المزیلة لأمرما) أی: من المضار (کثیرة، و المسبب واحد العین، 

________________________________________

(1) . أی للأمّة.

(2) . أی هذا الدعاء (جامی).

(3) . أی فی تحقّقه بالصبر فی نفس الأمر (جامی).

(4) . خ ل: «لمشاقّه».

(5) . العدى ک‍ «إلى» جمع العدوّ.

(6) . أی فی الحکم بأنّه صابر (جامی).

(7) . حکم بتحقّقه بکمال العبودیّة حیث قال: «إنّه اوّاب» (جامی).

(8) . ص (38):44.

(9) . أی عند الفعل الظاهر من الأسباب (جامی).

(10) . فهی الآلة، و الفاعل هو الحقّ تعالى، لاقتضاء علمه بالأسباب و المسبّبات (جامی).