شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(و علم أیّوب أنّ فی حبس النفس عن الشکوى فی رفع الضرّ إلى اللّه مقاومة القهر الإلهىّ، و هو1 جهل2 بالشخص؛ إذ ابتلاه اللّه بما تتألّم منه نفسه فلا یدعو اللّه فی إزالة ذلک الأمر المؤلم،3 بل ینبغی له عند المحقّق أن یتضرّع و یسأل اللّه فی إزالة ذلک عنه، فإنّ ذلک إزالة عن جناب اللّه عند العارف صاحب الکشف).
لأنّ هویّته هویّة الحقّ، فالازالة عن نفسه إزالة عن الحقّ تعالى ما یؤذیه.
(فإنّ اللّه تعالى قد وصف نفسه بأنّه یؤذى به) على المبنی للمفعول (فقال: إِنَّ اَلَّذِینَ یُؤْذُونَ اَللّٰهَ وَ رَسُولَهُ4، و أیّ أذى أعظم من أن یبتلیک ببلاء عند غفلتک عنه، أو عن مقام إلهیّ لا تعلمه).
أی، الابتلاء أنّما یحصل للعبد بسبب الغفلة عن اللّه أو عن حضرة من حضراته الکلیة، و ذلک من غیرته على عبده، فابتلاؤه إیّاک من محبّته فیک؛ لأنّ المحبوب یحبّ من یحبّه و یغار علیه إذا اشتغل بغیره، فإذا رأى أنّک اشتغلت عنه بغیره ابتلاک ببلاء.
(لترجع إلیه بالشکوى فیرفعه عنک، فیصحّ الافتقار الذی هو حقیقتک)5 و6.
إنّما جعل الافتقار الذی هو صفة العبد عین حقیقته لکونه لازما ذاتیا له، و به یتمیّز العبد عن ربّه.
________________________________________
أحدهما: إیجاد الأعیان الثابتة فی الخارج.
و ثانیهما: ما تقتضیها تلک الأعیان.
و الأوّل قضاؤه المبرم، فلا بدّ للعبد أن یرضى بقضاء سیّده. و الثانی لیس بمجعول بالذات، فإن اللّه، ما جعل المشمشة - مثلا - مشمشة، بل أوجدها، فالرضا بالقضاء أمر و عدم الرضا بالمقضیّ - أی بما تقتضیه العین الثابتة - أمر آخر.
(1) . و هو لیس من آداب العبودیّة و مقتضیات المعرفة بأوصاف الربوبیّة (جامی).
(2) . أی جهل متلبّس بالشخص (جامی).
(3) . فالمراد بالجهل هاهنا إمّا مقابل العلم، أو فعل الشیء بخلاف ما ینبغی أن یفعل، و على ذلک قوله تعالى: أَ تَتَّخِذُنٰا هُزُواً قٰالَ أَعُوذُ بِاللّٰهِ أَنْ أَکُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِینَ (البقرة (2):67 فجعل فعل الهزء جهلا.
(4) . الأحزاب (33):57.
(5) . الممیّزة نسبة العبودیّة عن الربوبیّة (جامی).
(6) . باعتبار التعیّن الذی أنت به عبد (ق).
جلد: 2، صفحه: 1124
(فیرتفع عن الحقّ الأذى بسؤالک إیّاه فی رفعه عنک).
و ذلک لأنّ حقیقتک هویّة الحقّ الظاهر فی صورتک، فإذا سألت رفع الأذى عنک سألت رفع الأذى عنه.
(إذ أنت صورته الظاهرة، کما جاع بعض العارفین1 فبکى، فقال له فی ذلک من لا ذوق له فی هذا الفن معاتبا له، فقال له العارف: إنّما جوّعنی لأبکی، فیقول:) أی:
صاحب البلاء (إنّما ابتلانی بالضرّ لأسأله فی رفعه عنّی، و ذلک لا یقدح فی کونی صابرا، فعلمنا أنّ الصبر أنّما هو حبس النفس عن الشکوى لغیر اللّه).
ظاهر.
________________________________________
(1) . و هو أبو یزید البسطامی کما فی الفتوحات.