عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

(و قد ذکرنا فی «الفتوحات»2 و3: أنّ الأثر4 لا یکون إلاّ للمعدوم5 و6لا للموجود7 و8، و إن کان للموجود فبحکم المعدوم، و هو علم غریب و مسألة 
________________________________________
(2) . راجع الفتوحات المکیة، ج 3، ص 408.
(3) . و لمّا کانت الرحمة الذاتیّة التی تعیّن بها النفس الرحمانی الذی به تعیّن الأسماء الإلهیّة و الأعیان الثابتة، ثمّ الأعیان الوجودیّة من النسب الاعتباریّة التی لیس لها عین موجودة فی الخارج، کان محلّ أن یشکّک [فی] کیفیّة تأثیرهما، دفع ذلک بقوله: «و قد ذکرنا» (جامی).
(4) . فی أیّ مرتبة کان (جامی).
(5) . یشیر (رض) إلى أنّ الأعیان الثابتة التی هی معدومة لنفسها هی المؤثّرة فی الوجود الواحد الحقّ المنبسط علیها بالتعیین و التقیید و التکیّف و التسمیة بحسب خصوصیّاتها، حتّى یظهر الأسماء الإلهیّة و النسب الربانیّة ثمّ النسب الإلهیّة التی هی من حیث هی نسب عدمیّة لا تحقّق لها إلاّ بین أمرین، و الموجود هاهنا أحد طرفیها و هو الحقّ و لا مؤثّر فی وجود الأشیاء، فالآثار کلّها إن کانت من الإلهیّة فمن النسب العدمیّة، و إن کانت منها مع الذات المتعیّنة بها فمن الوجود من حیث هذه النسب المعدومة الأعیان، و إن کانت من الأعیان الثابتة فی الوجود الحقّ فالأثر للمعدوم العین، و کذلک فی الأکوان کلّ أثر یظهر من موجود، فإنّه غیر منسوب إلى وجوده من حیث هو وجود بل الى عینه العدمیّة او الى وجوده المتعیّن بتلک النسبة العدمیّة (جندی).
(6) . فیها (جامی).
(7) . أی للموجود فیها، و إنّما قیّدنا بذلک؛ لأنّه لا أثر للمعدوم مطلقا، و هذا یناسب ما یقوله أرباب النظر من أنّ الغایة علّة علیّة الفاعل، و هی حینئذ معدومة (جامی).
(8) . فإنّ التوجّه نحو الأثر أنّما یتصوّر عند فقد المتوجّه ما یستحصل بذلک الاثر، فذلک المتوجّه إمّا أصل القابلیّة الأولى، الفاقدة سائر الأسماء، الخالیة عن الکلّ حتّى الرحمة و الوجود، فإنّها الطالبة إیّاها، المستجلبة لها المؤثّرة فیها، فذلک الأثر للمعدوم لا للموجود.
و أمّا حقیقة الحقائق عند تطوّرها فی أطوار المراتب الاستیداعیّة منها و الاستقراریّة، فذلک الأثر و إن کان للموجود. و لکن إذ کان التوجّه له نحو الأثر أنّما ینبعث عند عثوره یفقد المستحصل به الحاصل منه، یکون الحکم و القهرمان فی هذه الصورة أیضا للمعدوم، و إلیه أشار بقوله: «فبحکم المعدوم» (ص).
جلد: 2، صفحه: 1149
نادرة1، لا یعلم تحقیقها2 إلاّ أصحاب الأوهام3 و4، فذلک بالذوق عندهم، و أمّا من لا یؤثّر الوهم فیه فهو بعید عن هذه المسألة).
لمّا ذکر أنّ الرحمة وسعت کلّ شیء وجودا و حکما، و ذکر أنّ شیئیّة کلّ شیء حتّى الأسماء الإلهیّة و الأعیان الکونیّة کلّها من الرحمة، و الرحمة لا عین لها فی الخارج، فهی معقولة المعنى معدومة العین.
فکأنّ قائلا یقول: کیف تؤثّر الرحمة فی أعیان الاشیاء و هی فی نفسها معدومة‌؟!
فقال: قد ذکرنا فی (الفتوحات): «أنّ الأثر لا یکون إلاّ للمعدوم» و لا یرید بالمعدوم المعدوم مطلقا لاستحالة التأثیر منه، بل المعدوم فی الخارج الموجود فی الباطن.
و ذلک لأنّ جمیع ما فی الظاهر لا یظهر إلاّ من الباطن، فالباطن منبع جمیع الأشیاء، و الباطن المطلق هو الذات الإلهیّة فإنّ الحقّ غیب الغیوب کلّها.
و قد علمت أنّه من حیث ذاته غنیّ عن العالمین، و من حیث اسمائه یطلب وجود العالم، فالعالم مستند إمّا إلى الحقّ من حیث الأسماء، و إمّا إلى الأسماء، و أیّاما کان یلزم المقصود؛ لأنّ الأسماء ذات مع الصفات، و الصفات لا أعیان لها فی لخارج لکونها نسبا.
فالمؤثر إن کان الذات فتأثیرها بحسب النّسب التی لا أعیان لها فی الخارج، و إن کان الصفات فلا أعیان لها فیه.
و مظاهر الأسماء التی هی الأعیان ثابتة فی الحضرة العلمیّة ما شمّت رائحة الوجود الخارجی بعد، و الموجود هو الوجود المتعیّن على حسبها لا الأعیان، فصحّ أنّ المؤثر فی الوجود هو الذی لا عین له فی الخارج، ثمّ تنزّل بقوله: (فإن کان للموجود) حکم 
________________________________________
(1) . لأنّه خلاف ما یتبادر إلى العقل (جامی).
(2) . معرفة ذوق و کشف (جامی).
(3) . الذین لم یقتصروا فى هذه الجمعیّة الکمالیّة الإنسانیّة على حکم العقل الصرف، بل مزجوه بما هو مقتضى هذا الاعتدال، و قلّبوا حکم العقل بالتقلّبات القلبیّة، و مدارک القلب هو المسمّى بالذوق (ص).
(4) . أی الذین یؤثّرون فی الأشیاء بالوهم فیوجدونها فإنّهم یعلمون ذلک علم ذوق لا من یؤثّر الوهم فیه، أی من لا یؤثّر و همه الموجود فیه فی الأشیاء لا من لا یتأثّر من الوهم فهو بعید من ذوق هذه المسألة (ق).
جلد: 2، صفحه: 1150
و أثر فهو أیضا (بحکم المعدوم) و هو المرتبة التی بها یحکم الموجود على الشیء.
ألا ترى السلطان مادام متحقّقا بالسلطنة تجرى أحکامه و ینفذ أوامره فی رعایاه و لو کان صبیّا، و عند انعزاله من السلطنة لا ینفذ له حکم أصلا مع أنّه موجود، و کذا الوزیر و القاضی و جمیع أصحاب المناصب.
و لمّا کان هذا المعنى غیر مشعور به مع وضوحه و حقیّته قال: (و هو علم غریب و مسألة نادرة).
قوله: (و لا یعلم تحقیقها إلاّ أصحاب الأوهام) أی: الذین یتوهّمون أمورا لا وجود لها، و تنفعل نفوسهم منها و تتأثر انفعالا عظیما و تأثرا قویا، و هم الذین یدرکون بالذوق أنّ الامور المعدومة المتوهّمة کیف تؤثر فیهم.
و أمّا من لا یتأثر من الوهم، أی: ما یدرکه الوهم من الامور المعدومة المتوهّمة، فلیس له نصیب من هذه المسألة بحسب الذوق.
و قیل1 معناه: أی الذین یؤثّرون فی الأشیاء بالوهم2 فیوجدونها، فإنّهم یعلمون ذلک علم ذوق.
و فیه نظر؛ لأنّ الکلام فی أنّ المعدوم یؤثّر فی الموجود، لا أنّ الموجود یؤثر فی المعدوم، و الوهم قوّة موجودة فی الخارج، و اللّه أعلم. نظم.
(فرحمة اللّه فی الأکوان ساریة و فی الذوات و فی الأعیان جاریة) و لما کان3 الایجاد4 باختفاء الهویّة الإلهیّة فی الصورة الکونیّة الخلقیّة، و الأشیاء ما وجدت إلاّ بالرحمة، و الرحمة عین تلک الهویّة فی المرتبة الأحدیّة و إن کانت غیرها فی المرتبة الواحدیّة، جعل الرحمة ساریة فی أعیان الأکوان کسریان الهویّة فیها؛ لأنّها لازمة للهویّة، و لسریان الرحمة فی الأکوان و الأعیان یعطف بعضهم على بعض و یحنّ‌ 
________________________________________
(1) . و القائل هو الملاّ عبد الرزاق.
(2) . أی بالصور المتوهمّة فلا یرد علیه اعتراض الشارح.
(3) . مراده رفع التنافی بین ما قال الشیخ (ره) سابقا: «إنّ الهویّة ساریة» و بین ما قال هاهنا: «إنّ الرحمة ساریة».
(4) . راجع معنى الإیجاد، تمهید القواعد لابن الترکة، ص 20 ط، 1. له (رض) تحقیق رشیق فی الحقّ و الخلق.
جلد: 2، صفحه: 1151
بعضهم بعضا.
(مکانة الرحمة1 المثلى2 إذا علمت من الشهود مع الأفکار عالیة)
المکانة: المرتبة العلیّة و المنزلة الرفیعة، و المثلى: الفضلى، تأنیث الأفضل [المثلى تأنیث الأمثل کالفضلى تأنیث الافضل - ظ] کما قال تعالى: وَ یَذْهَبٰا بِطَرِیقَتِکُمُ اَلْمُثْلىٰ‌3.
أی، إذا علمت مکانة الرحمة بطریق الشهود، کانت عالیة على الأفکار، أی: کانت بحیث لا تدرکها الأفکار ف‍ «عالیة» خبر المبتدأ، و «مع» بمعنى على، و لو قلنا: معناه إذا علمت من الشهود و الأفکار على سبیل الجمع بینهما، أی: إذا علمت عین الرحمة بالشهود و لوازمها بالأفکار ظهر، علوّها و منزلتها الرفیعة له معه، ف‍ «مع» على معناه.

________________________________________

(1) . أی منزلة الرحمة التی هی أفضل أنواعها إذا علمت من طریق الشهود کانت تعلو الأفکار، أی أجلّ و أعلى من أن تعلم بطریق الفکر (ق).
(2) . صفة ل‍ «المکانة» (جامی).
(3) . طه (20):63.