شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(فإذا قامت بهم الرحمة8 وجدوا حکمها9 ذوقا10، فمن ذکرته الرحمة)11.
________________________________________
(8) . و جعلتهم راحمین (جامی).
(9) . أی حکم الرحمة یعنی الراحمیّة فی أنفسهم (جامی).
(10) . و هذا أنهى مراتب الرحمة، أعنی العلم الذوقی الذی هو عبارة عن وجدان العارف رحمة اللّه القائمة به، المقوّمة إیّاه بما هو الأوّل و الآخر (ص).
(11) . بإیصال أثرها إلیهم کالمحجوبین (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1156
أی، الرحیمیّة بقیامها به کما فی الکاملین، أو بالمغفرة و اعطاء الجنّة کما فی العابدین الزاهدین، المحجوبین عن معرفة الحقائق.
(فقد رحم) بما یناسب استعداده و تقبل عینه ذلک.
(و اسم الفاعل هو «الرحیم» و «الراحم»).
أی، الحاکم هو الرحمة و إن کان اسم الفاعل هو «الرحیم» و «الراحم»، أی:
و إن اضیفت الرحمة إلى الذات الموصوفة بالرحمة فی «الرحیم» و «الراحم».
(و الحکم لا یتّصف بالخلق، لأنّه أمر توجبه المعانی لذواتها1، فالأحوال لا موجودة و لا معدومة).
لمّا قال: (وجدوا حکمها ذوقا) قال: و الحکم2 أیضا غیر موصوف بأنّه مخلوق؛ لأنّه لا عین له فی الخارج لیکون موصوفا بالمخلوقیّة، بل هو أمر معنوی تستلزمه المعانی المعقولة لذواتها، و هی المعانی الکلّیة المذکورة فی الفصّ الأوّل من أنّها باطنة، و لا تزول عن الوجود العینی بحسب الحکم.
فالأحوال و الأحکام کلّها لا موجودة فی الأعیان بمعنى أنّ لها أعیانا فی الخارج، و لا معدومة بمعنى أنّها معدومة الأثر فی الخارج.
و لو قال قائل: إنّ الأحوال لا أعیان لها فی الخارج أعیانا جوهریة، و لم لا یجوز أن تکون لها اعیان عرضیّة موجودة فی الخارج لاتّجه.
و تحقیقه: أنّ الأعیان العرضیّة بعضها محسوسة کالسواد و البیاض، و بعضها معقولة کالعلم و القدرة و الارادة و أمثالها، و المعقولات من حیث إنّها معقولات3 لیس لها وجود إلاّ فی العقل، و لا عین لها فی الخارج غیره.
________________________________________
(1) . و الخلق أنّما یقال لمن تنزّل المبدأ فیه بصورة الأثر و الفعل، فتکون له مرتبة أخرى فی الوجود أظهر و أنزل. و الحکم لیس کذلک فإنّه مقتضى المعانی لذواتها، فلا تنزل فیه أصلا، فإنّه فی الرتبة الأولى السابقة على الوجود، فإنّه من الأحوال (ص).
(2) . کالأعیان.
(3) . ای من حیث إنّها کلّیات لأن الکلّی لا وجود له فی الخارج.
جلد: 2، صفحه: 1157
و من حیث إنّها هیئات روحانیّة مرتسمة فی الذات الموصوفة بها لها أعیان عرضیّة غیر أعیان محالّها، و اتحاد عین الصفة مع عین الموصوف و عدم اتحادها مستفاد من المرتبة الأحدیّة و الواحدیّة الّتى للحقّ.
و قد علمت أنّ الصفات کلّها عین الذات فی المرتبة الأحدیّة و غیرها من وجه فی الواحدیّة، فکذلک حال الصفات الروحانیّة مع محالّها، و اللّه أعلم.
(أی1: لا عین لها فی الوجود لأنّها نسب2، و لا معدومة فی الحکم؛ لأنّ الذی قام به العلم یسمّى عالما3، و هو4 الحال5).
أی، ذلک القیام هو الحال الذی به یسمّى صاحبه عالما، أو هذا هو المسمّى بالحال فی مذهب المعتزلة الذی هو واسطة بین الوجود و العدم6.
(فعالم ذات موصوفة بالعلم، فما هو7) أی: فلیس ذلک الحال، أی کونه عالما (عین الذات8، و لا عین العلم9، و ما ثمّ إلاّ علم و ذات قام بها هذا العلم،
________________________________________
(1) . لا موجودة، أی لا عین لها فی الوجود (جامی).
(2) . أی نسب عدمیّة لا وجود لها فی الخارج (جامی).
(3) . لحکم العالم موجود، یعنی العلم (ص).
(4) . أی کون الذی قام العلم به عالما هو الحال.
(5) . التی لیست لها عین موجودة و لکن فیها شائبة وجود (جامی).
(6) . ذهب أبو هاشم و أتباعه من المعتزلة و إمام الحرمین و القاضی أبو بکر من الأشاعرة إلى أنّ المعلوم إن لم یکن له ثبوت فی الخارج فهو المعدوم، و إن کان له ثبوت فی الخارج فإمّا باستقلاله و باعتبار ذاته فهو الموجود و إما باعتبار التبعیّة لغیره فهو حال، فالحال واسطة بین الموجود و المعدوم؛ لأنّه عبارة عن صفة للموجود لا تکون موجودة و لا معدومة مثل العالمیّة و القادریّة و نحو ذلک، و المراد بالصفة ما لا یعلم و لا یخبر عنه بالاستقلال بل بتبعیّة الغیر، و الذات تخالفها، و هی لا تکون إلاّ موجودة أو معدومة بل لا معنى للموجود إلاّ ذات لها صفة الوجود، و الصفة لا تکون ذاتا فلا تکون موجودة؛ فلذا قیّدوا بالصفة، و إذا کانت صفة للموجود لا تکون معدومة أیضا؛ لکونها ثابتة فی الجملة فهی واسطة بین الموجود و المعدوم. شوارق الإلهام.
(7) . أی کونه عالما (جامی).
(8) . لاشتمالها على معنى زائد على الذات (جامی).
(9) . لاعتبار الذات فیه (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1158
و کونه1 عالما حال لهذه الذات باتصافها2 بهذا المعنى3 و4، فحدثت نسبة5 العلم إلیه6 و هو7 المسمّى عالما).
أی، حدثت من اجتماع الذات و الصفة العلمیّة هذه النسبة، و صار الموصوف بها مسمّى بالعالم.
(و الرحمة على الحقیقة نسبة8 من الراحم)9 أی: من جملة نسب الراحم.
(و هی) أی: الرحمة (الموجبة للحکم) على صاحبها بأنّه راحم.
(فهی الراحمة).
أی، الجاعلة لصاحبها راحما أو هی الراحمة فی الحقیقة للأشیاء المرحومة، و إن کانت فی الظاهر مستندة إلى صاحبها.
(و الذی أوجدها10 فی المرحوم ما11 أوجدها12 لیرحمه بها)13 و14.
أی، المعنى الذی کان للموجد و هو الرحمة فی هذه الصورة، ما أوجدها فی المرحوم لیرحمه بها بل، لیجعله راحما، و إلیه أشار بقوله:
________________________________________
(1) . أی کون الذی قام به العلم عالما (ص).
(2) . أی بسبب اتّصاف الذات (جامی).
(3) . و هو العلم، و فی عبارته هذه إشعار بسبب تسمیة الحال حالا؛ إذ بها تتحوّل الذات (ص).
(4) . الذی هو العلم (جامی).
(5) . أی إضافته (جامی).
(6) . أی إلى الذی قام به العلم (جامی).
(7) . أی الذى قام به العلم هو المسمّى عالما (جامی).
(8) . أی معنى نسبی (جامی).
(9) . یوجده الراحم فی المرحوم و یحکم به علیها (جامی).
(10) . أی الرحمة فی المرحوم (جامی).
(11) . نافیة.
(12) . فیه (جامی).
(13) . و یجعله مرحوما (جامی).
(14) . أی لیکون بها مرحوما (ق).
جلد: 2، صفحه: 1159
(و إنّما أوجدها لیرحم بها من قامت به)1 و2 و3.
أی، الحقّ الذی أوجد الرحمة فی هذا المرحوم الذی هو من أهل الکشف، ما أوجدها لیرحمه بها فیکون مرحوما، و إنّما أوجدها فیه لیکون راحما؛ لأنّه بمجرّد ما وجد أوّلا صار مرحوما بالرحمة الرحمانیّة، و عند الوصول إلى کمال یلیق بحاله صار مرحوما بالرحمة الرحیمیّة.
فایجاد الرحمة فیه و اعطاء هذه الرحمة له بعد الوجود و الوصول إلى الکمال، أنّما کان لیکون العبد موصوفا بصفة ربّه، فیکون راحما بعد أن کان مرحوما.
و إنّما کان کذلک لأنّ الصفات الفعلیّة إذا ظهرت فیمن ظهرت تقتضی ظهور الفعل منه، ألا ترى أنّ الحقّ إذا أعطى لعبده صفة القدرة و تجلّى بها له، کیف تصدر منه خوارق العادات و أنواع المعجزات و الکرامات؟!
و الرحمة مبدأ جملة الصفات الفعلیّة، إذ بها توجد أعیانها، فنسأل اللّه تعالى أن یرحمنا بالرحمة التامّة، الخاصّة و العامّة.
(و هو سبحانه لیس بمحلّ للحوادث، فلیس بمحلّ لایجاد الرحمة فیه4 و هو الراحم، و لا یکون الراحم راحما إلاّ بقیام الرحمة به، فثبت أنّه عین الرحمة5).
أی، الحقّ سبحانه هو الذی یرحم جمیع الأسماء و الصفات و الأعیان و الأکوان، فهو الراحم، و لیس بمحلّ للحوادث لیکون له صفة زائدة علیه حادثة بالذات6، فرحمته عین ذاته غیر زائدة علیها، و بها رحمت الرحمة الصفاتیّة فأوجدها و العین التی هی قائمة بها، لیرحم الأشیاء بها کلّها.
________________________________________
(1) . تلک الرحمة و یصیر بها راحما (جامی).
(2) . فیکون راحما (ق).
(3) . تلک الرحمة، على ما بیّن ذلک فی العلم أنّه سبب حدوث نسبة العلم إلى من قام به، فیکون إیجاد المرحوم و غایته لیس لیرحم المرحوم من حیث إنّه مرحوم، بل لثبوت الرحمة لمن قامت به الرحمة یعنی الحقّ (ص).
(4) . من جهة إیجاد المرحوم (ص).
(5) . و إلاّ لم یکن هو الراحم (ص).
(6) . و إلاّ یلزم أن یکون البسیط فاعلا و قابلا.