عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

(و لهذا قال أبو القاسم بن القسیّ‌7 فی8 الأسماء الإلهیّة: إن کلّ اسم على انفراده مسمّى بجمیع الأسماء الإلهیّة کلّها، فإذا قدّمته فی الذکر نعته بجمیع الأسماء، و ذلک لدلالتها على عین واحدة9 و إن تکثّرت الأسماء علیها و اختلفت حقائقها، أی: حقائق تلک الأسماء10).
أی، و لأجل أنّ الأسماء کلّها فی دلالتها على الذات لا تختلف، قال أبو القاسم بن 
________________________________________
(7) . راجع آخر الفصّ الإدریسی.
(8) . فی بیان أحکام الأسماء (جامی).
(9) . هی الذات الإلهیّة (جامی).
(10) . یعنی مفهوماتها بخصوصیّاتها الامتیازیّة (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1165
القسیّ و هو صاحب (خلع النعلین)، و ذکر الشیخ فی (الفتوحات) أنّه کان من أکابر أهل الطریق: إنّ أیّ اسم من الأسماء إذا قدّمته فی الذکر تنعته بجمیع الأسماء؛ لأنّه دلیل الذات، و الذات منعوتة بجمیع الأسماء و الصفات.
(ثمّ إنّ الرحمة تنال على طریقین، طریق الوجوب1 و هو قوله: فَسَأَکْتُبُهٰا لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ وَ یُؤْتُونَ اَلزَّکٰاةَ‌2 و ما قیّدهم به من الصفات العلمیّة و العملیّة3).
و هو قوله، أی ذلک الوجوب مستفاد من قوله تعالى فَسَأَکْتُبُهٰا إلى آخر الآیة، و مستفاد من الوعد الذی وعدهم فی مقابلة ما قیّدهم به و کلّفهم، ف‍ (ما قیّدهم) معطوف على قوله: (و هو قوله)، و «ما» بمعنى الذی أو الشیء أی الرحمة من اللّه تعالى تنال على طریقین:
طریق الوجوب، أی: على الطریق الذی أوجب الحقّ على نفسه أن رحم عباده إذا أتوا به فی مقابلة ما قیّدهم به و کلّفهم من العلم و العمل، کما قال: فَسَأَکْتُبُهٰا أی: 
أفرضها للذین یتقون و یؤتون الزکاة، لا أنّ العبد بحسب عمله یوجب على اللّه أن یرحمه، بل ذلک الایجاب على سبیل الفضل و المنّة أیضا منه على عباده.
(و الطریق الآخر الذی تنال به هذه الرحمة على طریق الامتنان الإلهیّ الذی لا یقترن به عمل، و هو قوله: وَ رَحْمَتِی وَسِعَتْ کُلَّ شَیْ‌ءٍ‌4، و منه قیل: لِیَغْفِرَ لَکَ اَللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ‌5
________________________________________
(1) . قد مضى الکلام فی رحمتی: الوجوب و الامتنان فی الفصّ السلیمانی.
(2) . الأعراف (7):156.
(3) . و یفهم من ذلک أنّ الرحمة الواقعة بإزاء العلم أیضا وجوبیّة، و لا یبعد أن یفرق بین العلم الکسبی و الوهبی (جامی).
(4) . الأعراف (7):156.
(5) . ما تقدّم على هذه النشأة من ذنبک، و هو ما یتأخّر عن رتبة الاعتبار من الأوصاف الحدثانیّة و الأحکام الإمکانیّة، فإنّ أذناب القوم أراذلهم، و ذنب الدابّة هو ما یتأخّر من أعضائه عن درجة الاعتبار و رتبة الاحتیاج و ما تأخّر منها، فإنّ الفتح البیّن الذی أفرد به الخاتم یستتبع هذه الرحمة الامتنانیّة التی لا یوازیها عمل من العبد، و هو الستر لما تقدّم على نشأته. هذه من أحکام الإمکان. و ما تأخّر عنها منها و إخفاؤها فی صحائف الظهور و إسقاطها عن درجة التأثیر. و یمکن أن یجعل هذه الایة إشارة إلى قسمى الرحمة، فإنّ مٰا تَقَدَّمَ‌ إشارة إلى الرحمة الامتنانیّة المتقدّمة على الأعمال، کما أنّ مٰا تَأَخَّرَ إشارة إلى الوجوبیّة المترتّبة المتأخّرة عن الأعمال، و الذنب حینئذ عبارة عن أحکامه صلّى اللّه علیه و آله و سلم المتمّمة، التی بها تمام الأوضاع النبویّة المشعرة، کما أنّ الذنب تمام الأعضاء کذلک المراد بالغفران فی هذا اللسان هو الإظهار الذی یلزمه ضرورة، و لکن التوجیه الأوّل أوفق بسیاق کلامه و إن کان الثانی أعلى (ص).
جلد: 2، صفحه: 1166
مِنْ ذَنْبِکَ وَ مٰا تَأَخَّرَ1، و منها قوله: «اعمل ما شئت فقد غفرت لک» فاعلم ذلک).
الرحمة الامتنانیّة قد تکون عامّة و هی الرحمة الذاتیّة الشاملة لجمیع العباد، کقوله تعالى: رَحْمَتِی وَسِعَتْ کُلَّ شَیْ‌ءٍ‌، و قد تکون خاصّة کما قیل: لِیَغْفِرَ لَکَ اَللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِکَ وَ مٰا تَأَخَّرَ فی حقّ نبیّنا صلّى اللّه علیه و آله و سلم، و کما قال لبعض عباده «اعمل ما شئت فقد غفرت لک»، فلا یتوهّم أنّها شاملة لجمیع الأشیاء مطلقا، و اللّه الرحیم المنّان، و منه الفضل و الاحسان.
________________________________________
إلى الوجوبیّة المترتّبة المتأخّرة عن الأعمال، و الذنب حینئذ عبارة عن أحکامه صلّى اللّه علیه و آله و سلم المتمّمة، التی بها تمام الأوضاع النبویّة المشعرة، کما أنّ الذنب تمام الأعضاء کذلک المراد بالغفران فی هذا اللسان هو الإظهار الذی یلزمه ضرورة، و لکن التوجیه الأوّل أوفق بسیاق کلامه و إن کان الثانی أعلى (ص).
(1) . الفتح (48):2.