شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
فصّ حکمة إیناسیّة فی کلمة إلیاسیّة
اعلم، أنّ للقوى الروحانیّة بحسب الفعل و الانفعال و اجتماعاتها امتزاجات روحانیّة، تحصل منها هیئة وحدانیّة، لتکون مصدرا للأحکام و الآثار الناتجة منها، و الصورة الملکیة تابعة لها کما أنّ الصورة الطبیعیّة تابعة للمزاج الحاصل من العناصر المختلفة و الکیفیّات المتقابلة و الأحکام الظاهرة علیها، و إنّما هی بحسب ذلک المزاج.
فإذا علمت هذا فاعلم أنّ إلیاس علیه السّلام ناسب بحسب مزاجه الروحانی1 مزاج الصور الملکیّة، و بحسب مزاجه الجسمانی2 مزاج الصور البشریّة، فآنس من حیث الصورة الروحانیّة الملائکة، فصاحبهم بحکم الاشتراک الواقع بینهم فی مراتبهم الروحانیّة، و آنس من حیث الصورة الجسمانیة الأناسی، و خالطهم بحکم الاشتراک معهم3فی الصورة الطبیعیّة العنصریّة، فصار جامعا للصورتین و ظاهرا بالبرزخیّة بین العالمین، لذلک اختصّت الحکمة الإیناسیّة بهذه الکمة الالیاسیّة4.
________________________________________
(1) . مضى الکلام فی المزاج الروحانی فی آخر الفصّ الیونسی.
(2) . البحث عن المزاجین: العنصری و الروحانی و عن الغذاء بأنواع ضروبه مظهر صفة البقاء، یطلب فی تفسیر الفاتحة لصدر الدین القونوی، فراجع، ص 296-298 فی تفسیر ربّ العالمین، ط مصر.
(3) . أی مع الأناسیّ.
(4) . قال مولانا الجامى - بعد ذکر هذا الوجه الذی ذکره الشارح -: أو لأنّ الإیناس إبصار الشىء على وجه الأنس به، و کذا أبصر إلیاس علیه السّلام فرسا من نار و جمیع آلاته علیه من نار و آنس به فرکبه، فإبصاره الفرس فی الصورة الناریّة مع الأنس به إیناس، فلذا سمیّت حکمة إیناسیّة.
جلد: 2، صفحه: 1170
و لتلک الصورة الملکیّة الموجبة للاعتدال الحقیقیّ فاز بالحیاة الدائمة کالخضر و عیسى علیهما السّلام، فإنّهما أیضا کانا ظاهرین بالصورة الملکیّة إلاّ أنّ الخضر علیه السّلام غلبت صورته الملکیة على صورته البشریة، فاختفى عن أعین الناس و لم یطرأ علیه الموت، و عیسى علیه السّلام ارتفع إلى السماء مع الصورة البشریّة.