شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(فکان الحقّ فیه منزّها).
أی، کان الحقّ فی المقام العقلی منزّها على اسم المفعول.
(فکان) أی: الیاس (على النصف من المعرفة باللّه، فإنّ العقل إذا تجرّد لنفسه من حیث أخذه العلوم عن نظره، کانت معرفته باللّه على التنزیه، لا على التشبیه).
لأنّه لا یدرک مدرک ما شیئا إلاّ بحسب ما منه فیه، کما هو مقرّر فی قواعد التحقیق، و مقامه تنزیه ربّه لذلک قال الملائکة: وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِکَ وَ نُقَدِّسُ لَکَ1، فکان على النصف من المعرفة.
(و إذا أعطاه2 اللّه المعرفة بالتجلّی3، کملت معرفته باللّه، فنزّه فی موضع4، و شبّه فی موضع!5).
اى فنزّه فی موضع التنزیه تنزیها حقّانیا، و شبّه فی موضع التشبیه تشبیها عیانیا، فیکون تنزیهه تنزیه الحقّ و تشبیهه تشبیه الحقّ.
(و رأى سریان الحقّ بالوجود فی الصور الطبیعیّة و العنصریّة، فما بقیت له صورة إلاّ و یرى عین الحقّ عینها6).
کما هو الأمر علیه فی نفسه.
(و هذه المعرفة7 التامّة).
أی: هذه المعرفة هی المعرفة التامّة.
(التی جاءت بها الشرائع المنزلة من عند اللّه).
لأنّ الشرائع کلّها تحکم بالتشبیه و التنزیه، و لا تنفرد بأحدهما.
________________________________________
(1) . البقرة (2):30.
(2) . أی العقل (جامی).
(3) . فی الصورة أیّ صورة کانت (جامی).
(4) . یقتضی نظره الفکری التنزیه (جامی).
(5) . یقتضی التجلّی التشبیه (جامی).
(6) . من حیث اتّحاد الظاهر بالمظهر (جامی).
(7) . الجامعة بین التنزیه و التشبیه هی المعرفة التامّة (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1174
(و حکمت بهذه المعرفة الأوهام کلّها)1.
لأنّ الوهم یلبس المعانی - کلّیة کانت أو جزئیة - نوعا من الصور المتخیّلة فی الذهن، و هذا تشبیه فی عین التنزیه، لأنّ المعانی من حیث تجرّدها عن المواد منزّهة عنها و عن الصور التابعة لها، و من حیث إنّها موجودة مصوّرة فی الذهن مشبّهة بها.
(و لذلک2 کانت الأوهام3 أقوى سلطانا فی هذه النشأة من العقول، لأنّ العاقل - و لو بلغ ما بلغ4 فی عقله - لم یخل عن حکم الوهم علیه5، و التصوّر فیما عقل6).
أی، و لأجل أنّ الوهم حاکم على المدرکات العقلیّة بالتنزیه و التشبیه، کانت الأوهام أقوى سلطانا فی هذه النشأة العنصریّة من العقول، لأنّ العاقل7 و لو بلغ فی عقله کمالا تنتهی العقول إلیه لا یخلص عن أحکام الوهم علیه، و لا مدرکاته العقلیّة تتجرّد عن الصور الوهمیّة.
______________________________________
(1) . و ذلک لما عرفت من أنّ الوهم بین المشاعر البشریّة هو البرزخ الجامع بین المعانی الکلیّة و الصور الجزئیّة، فهو الذی یتمکّن من إدراک المعنى المنزّه عن هذه الصورة فیها و عینها، فإنّ إدراک الحقّ المنزّه فی الصور عینها أنّما یمکن لما له مدرجتان من الإدراک: مدرجة الإطلاق و التنزیه و هو طرف المعانی و کلّیة أحکامها، و مدرجة القیود المشخّصة و هو طرف الصورة و جزئیّة أحکامها و هاتان المدرجتان للوهم فقط بین المشاعر البشریّة (ص).
(2) . أی لکون الوهم حاکما بالنسبة خلاف ما یحکم به العقل من التنزیه، و إلباس الصورة لما لیس له صور عند العقل و انقیاد صاحب الوهم بحکمه (جامی).
(3) . قد مضى الکلام فی الوهم فی الفصّ الإسحاقی.
(4) . فیما هو منتهى مبلغ العقول (جامی).
(5) . بخلاف ما حکم العقل علیه (جامی).
(6) . أی فی معقولاته الصرفة الخالیة عن الصور (جامی).
(7) . فی هذه النشأة.