شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(ثمّ جاءت الشرائع کلّها بما تحکم به الأوهام1، فلم تخل الحقّ عن صفة یظهر فیها).
لم تخل من الاخلاء، أی: جاءت الشرائع کلّها بمقتضى القوّة الوهمیّة على التشبیه و التنزیه، فلم تجعل الحقّ خالیا عن صفة یظهر الحقّ فیها، و هو عین التشبیه.
(کذا قالت) أی: الشرائع (و بذا جاءت فعملت2 الأمم على ذلک).
أی، بمقتضى ذلک.
(فأعطاها).
أی أعطى الأمم، فأنّث الضمیر باعتبار تأنیث الجمع.
(الحقّ التجلّی) أی: تجلّى علیهم بتلک الصفات الموجبة للتشبیه.
(فلحقت) أی: الأمم (بالرسل وراثة3) أی: من جهة الوراثة (فنطقت) أی: الامم (بما نطقت به رسل اللّه4) من التنزیه و التشبیه.
(اَللّٰهُ أَعْلَمُ حَیْثُ یَجْعَلُ رِسٰالَتَهُ5 و6، فاللّه7 أعلم موجّه، له وجه بالخبریّة إلى رسل اللّه8 و9، و له وجه بالابتداء إلى أعلم10 حیث یجعل رسالته11، و کلا
________________________________________
(1) . من التشبیه (جامی).
(2) . أی جرت (جامی).
(3) . لا أصالة (جامی).
(4) . من الکلمة الجامعة بین التشبیه و التنزیه صورة و معنى؛ فلذلک ترى فی کلامه هذا وجهین من الصورة: إحداهما کاشفة عن التنزیه، و الأخرى عن التشبیه، فإنّ قوله تعالى: اَللّٰهُ أَعْلَمُ... فیه الوجهان المذکوران ف اَللّٰهُ أَعْلَمُ موجّه بالوجهین، له وجه بالخبریة إلى رسل اللّه (ص).
(5) . الأنعام (6):124.
(6) . أصالة و وراثة (جامی).
(7) . أی «اللّه» الثانی فى الآیة.
(8) . و ذلک إن توقف على قولهم: لَنْ نُؤْمِنَ حَتّٰى نُؤْتىٰ مِثْلَ مٰا أُوتِیَ الأنعام (6):124، أی هذا الرسول، فتمّ هنا کلام القوم و ابتدأ بقوله: رُسُلُ اَللّٰهِ اَللّٰهُ و أَعْلَمُ خبر مبتدأ محذوف، أی هو أعلم حیث... (ص).
(9) . أی رُسُلُ اَللّٰهِ مبتدأ و خبره اَللّٰهِ الثانی.
(10) . أی اَللّٰهُ الثانی مبتدأ و خبره أَعْلَمُ.
(11) . کما هو الظاهر من غیر تکلّف و لا تشبیه فی هذا المعنى، بل فیه تمییز بین اللّه و رسله و هو عین التنزیه (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1178
الوجهین1 حقیقة2 و3 فیه، لذلک قلنا بالتشبیه فی التنزیه، و بالتنزیه فی التشبیه).
لمّا جعل الأمّة ملحقة بالرسل بحکم الوراثة و قال: (فنطقت بما نطقت به رسل اللّه) أدرج قوله تعالى: وَ إِذٰا جٰاءَتْهُمْ آیَةٌ قٰالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتّٰى نُؤْتىٰ مِثْلَ مٰا أُوتِیَ رُسُلُ اَللّٰهِ اَللّٰهُ أَعْلَمُ حَیْثُ یَجْعَلُ رِسٰالَتَهُ، لیبیّن التنزیه و التشبیه فیه.
فقوله: (اللّه موجّه) أی: موجّه بالوجهین الخبریّة و الابتدائیة، أمّا خبریته4 فلأنّ قوله تعالى: لَنْ نُؤْمِنَ حَتّٰى نُؤْتىٰ مِثْلَ مٰا أُوتِیَ کلام تامّ؛ لأنّ المفعول الذی اقیم فیه مقام الفاعل ضمیر عائد إلى الرسول.
أی، لن نؤمن بالآیة حتّى نؤتى مثل ما أوتی هذا الرسول المبلّغ إیّاها، فرسل اللّه، اللّه5 و6 جملة أخرى، أی: رسل اللّه هم مظاهر اللّه.
و «أعلم» خبر مبتدأ محذوف، أی: هو أعلم حیث یجعل رسالته.
و الثانی7 «اللّه» مبتدأ، و «أعلم» خبره، فهو کلام مستأنف.
و الوجه الأوّل و إن کان فیه نوع تعسّف لکن لمّا کان فی نفس الأمر کلاما حقّا التزمه، و تظهر حقیّته لمن یعرف سرّ قوله: إِنَّ اَلَّذِینَ یُبٰایِعُونَکَ إِنَّمٰا یُبٰایِعُونَ اَللّٰهَ یَدُ اَللّٰهِ فَوْقَ أَیْدِیهِمْ8، و مَنْ یُطِعِ اَلرَّسُولَ فَقَدْ أَطٰاعَ اَللّٰهَ9، و أمثال ذلک.
«و کلا الوجهین حقیقة فیه» أی: حقّ مطابق لما فی نفس الأمر لا مجاز کما زعم
________________________________________
(1) . أی فلأنّ الوجه المذکور أوّلا حقیقة کالوجه الثانی قلنا: بالتشبیه فی عین التنزیه (ق).
(2) . أی لا تفاوت بینهما بحسب التقدّم و التأخّر و الوضوح و الخفاء، على ما هو المتبادر إلى الأذهان العامّة من العلماء الرسمیّة التی عندهم لا محتمل للوجه الأوّل أصلا (ص).
(3) . أی ثابتة متحققة فیه (جامی).
(4) . أی الوجه الأوّل.
(5) . فإنّه هویّتهم و هم صورته (جندی).
(6) . قال عزّ من قائل فی سورة الشمس: فَقٰالَ لَهُمْ رَسُولُ اَللّٰهِ نٰاقَةَ اَللّٰهِ فالایة قاضیة بأنّ رسول اللّه اللّه؛ لأنّ ناقة اللّه هی ناقة رسول اللّه صالح.
(7) . أی الوجه الثانی.
(8) . الفتح (48):10.
(9) . النساء (4):80.
جلد: 2، صفحه: 1179
أهل الظاهر فی آیة المبایعة و الطّاعة و أمثالها.
و إذا کانت هویّة الحقّ عین هویّة الرسول، کان التشبیه الذی فی الرسل ثابتا للتنزیه الذی فی هویّة الحقّ و بالعکس، و ذلک معنى قوله: (و لذلک قلنا... الخ)، أی:
و لأجل أنّ کلا الوجهین حقیقة فی هذا الکلام قلنا بالتشبیه فی عین التنزیه؛ إذ هویّة الحقّ المنزّة هی التی ظهرت فی صورة الرسل المشبّهة، و الهویّة الظاهرة فی الصورة المشبّهة هی التی کانت منزّهة فی المرتبة الأحدیّة.
(و بعد أن تقرّر هذا1 فنرخی الستور و نسدل2 الحجب على عین المنتقد3و المعتقد4، و إن کانا من بعض صور ما تجلّى فیها الحقّ5).
أی، و بعد أن تقرّر أنّ التنزیه لا یخلو عن التشبیه و بالعکس، نرخی الستور و نسدل الأغطیة على عین المنتقد، و هو المحقّق الذی یعلم خلاصة المعانی و الحقائق إمّا بالکشف و العیان أو بالنظر و البرهان، و على عین المعتقد المؤمن بأهل الحقائق و العرفان، و إن کانا - أی: المنتقد و المعتقد - من بعض المظاهر التی تجلّى الحقّ فیها.
________________________________________
(1) . القدر من صور التنزیه و التشبیه (جامی).
(2) . فروهشتن جامه.
(3) . و هو المتحکّم بعقله على کلام أولیاء اللّه بالنقد و التزییف (جامی).
(4) . و هو المؤمن بأحوالهم، فما عمله آمن به، و ما أشکل علیه فوّض إلى عامله (جامی).
(5) . بصفة العلم (جامی).