شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(و ممّا یدلّک على ضعف النظر العقلی من حیث فکره، کون العقل یحکم على العلّة أنّها لا تکون معلولة3 لمن هی علّة له) أی4 العلّة علّة له.
(هذا حکم العقل لا خفاء به، و ما فی علم التجلّی إلاّ هذا5، و هو أنّ العلّة تکون معلولة لمن هی علّة له).
أی، فإن لم تحط بعقلک بسرّ ما سمعته فاعلم أنّ العقل المشوب بالوهم من حیث نظره الفکری ضعیف فی إدراک الأشیاء على ما هی علیه، و یدلّ علیه کون العقل یحکم على العلّة أنّها لا تکون معلولة لما هو معلول لها.
و التجلّی الإلهی یعطی للعارف المکاشف أنّ العلّة معلولة لمعلولها؛ و ذلک لأنّ عین المعلول حال ثبوتها فی العدم تطلب من عین العلّة أن تجعلها موجودة معلولة لها، کما تطلب عین العلّة وجود معلولها، و الطلب من الطرفین رابطة بینهما.
و أیضا علیّة العلّة کمال من کمالاتها و لا یتمّ إلاّ بالمعلول، فمعلولیّة المعلول سبب لعلّیة العلّة کما أنّ معلولیّة المعلول لا تحصل إلاّ بعلّیة العلّة؛ لکونهما متضائفین، و کذلک حکم جمیع المتضائفین، فالعلّة من حیث إنّها علّة معلولة لمعلولها.
و أیضا المکاشف یجد بالکشف أنّ ذاتی العلّة و المعلول شیء واحد ظهر فی مرتبتین مختلفتین، و العلّیة و المعلولیّة من المتضائفین اللّذین کلّ منهما علّة للآخر، فیحکم على العلّة من حیث امتیازها عن المعلول أنّها معلولة لمعلولها، و هو حقّ إذا لم یکن الامتیاز بینهما إلاّ بما یقتضی التضایف، و إلاّ فلا6.
________________________________________
(3) . أی معلولة لمعلوها.
(4) . تفسیر لضمیر «هی».
(5) . الذی نذکره، و هو أنّ العلّة (جامی).
(6) . أی إذا قطع النظر عن التضایف لا یکون الأمر کذلک، أی کون العلّة معلولا.
جلد: 2، صفحه: 1196
(و الذی حکم به العقل صحیح1 مع التحریر2 فی النظر).
و فی بعض النسخ: (التحرز فی النظر)، أی: إذا حرّر المکاشف نظره فیما حکم به العقل یجد ذلک صحیحا؛ لأنّ ذات العلّة و وجودها مجرّدا عن العلّیة سابقة على وجود المعلول و ذاته سبقا ذاتیّا لا زمانیّا، فلو کان وجود المعلول و ذاته علّة لعلّته بطل ذلک السبق الذاتی، و أیضا یلزم الدور لتوقف وجود کلّ منهما فی الخارج على وجود الآخر. و هذا إذا أخذنا وجود کلّ منهما مجرّدا عن العلّیة و المعلولیّة. و أمّا إذا أخذناهما مع الصفتین، فلابدّ من أن یتوقف کلّ منهما على الآخر.
و معنى التحرّز هو أنّ الناظر تحرّز فی نظره عمّا یوجب التضایف، أی: یأخذ ذات کلّ منهما مجرّدا عمّا یوجب التضایف.
(و غایته3 فی ذلک4 أن یقول إذا رأى الأمر5 على خلاف ما أعطاه الدلیل النظری: انّ العین بعد أن ثبت أنّها واحدة فی هذا الکثیر6، فمن حیث هی علّة7فی صورة من هذه الصور لمعلول ما، فلا تکون معلولة لمعلولها فی حال کونها علّة، بل ینتقل الحکم8 بانتقالها فی الصور9، فتکون معلولة لمعلولها، فیصیر معلولها علّة لها، هذا غایته إذا کان قد رأى الأمر على ما هو علیه10، و لم یقف مع نظره الفکری11).
________________________________________
(1) . أی فی نظر الکاشف أیضا (جامی).
(2) . أی إذا حرّر ما هو محلّ النزاع (ص).
(3) . أی غایة العقل (جامی).
(4) . أی فیما حکم به الکشف (جامی).
(5) . أی أمر إمکان العلّة لمعلولها (جامی).
(6) . من صور العلة و المعلول و معلول المعلول (جامی).
(7) . أی هذه العین الواحدة (جامی).
(8) . بالعلّیة و المعلولیّة (جامی).
(9) . فینتقل إلى صورة معلول المعلول (جامی).
(10) . عن وحدة العین و کثرة الصور (جامی).
(11) . غیر المؤدّی إلى ذلک (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1197
أی، و غایة العقل أنّه إذا شاهد الأمر لا على ما یعطیه نظره العقلی، بل على ما هو علیه، کما یعطی التجلّی للمکاشف أن یقول مصحّحا لما یعطی التجلّی أو موجّها له:
انّ العین بعد ما ثبتت وحدتها - أی بعد تسلیم أنّ الذات الظاهرة فی هذه الصور الکثیرة واحدة - فهی علّة فی صورة من الصور لمعلول ما، و من حیث إنّها علّة لیست معلولة لمعلولها بل من حیثیّة اخرى، و هی باعتبار ظهورها فی صورة المعلول أیضا.
فینتقل حکم العلّیة إلى الصورة المعلولیّة بانتقال تلک العین إلیها، أی: بظهور تلک العین فی الصور المعلولة، فیصیر معلولها علّة لها.
هذا غایة ما یقدر العقل علیه عند شهوده الأمر على ما هو علیه.
و أنت تعلم أنّ الجهات المختلفة التی یعتبرها العقل، و النّسب التی یضیفها الى الذات الأحدیّة کلّها مستجنة فی عین الوجود، و مستهلکة فی الذات الأحدیّة، فما فی الوجود إلاّ ذاته الظاهرة فی صورة بالعلّیة، و فی الاخرى بالمعلولیّة.