عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

(و إذا کان الأمر فی العلّیة1 بهذه المثابة، فما ظنّک باتساع النظر العقلی فی غیر هذا المضیق)2.
أی، إذا کان الأمر الإلهیّ و شأنه عند التجلّی بهذه المثابة فی العلّیة بحیث یجعل المعلول علّة لعلّته، فما ظنّک فی غیر هذا المضیق من المواضع التی یکون مجال العقل فیها واسعا و یجوّز علیها امورا شتى‌؟
(فلا أعقل من الرّسل (صلوات اللّه علیهم3) لأنّهم یشاهدون الأمر على ما هو علیه بالتجلّی الإلهیّ‌.
(و قد جاءوا بما جاءوا به فی الخبر4).
أی، جاءوا بما جاءوا من المعانی الغیبیّة فی صورة الخبر المروی عنهم.
________________________________________
(1) . التی هی أجلى المضائق المتباینة و أقواها حکما للتمانع (ص).
(2) . و کثرة أحکام العقل المناقضة لما یحکم به الکشف (جامی).
(3) . لبلوغ عقولهم مرتبة کمالها (ص).
(4) . المنزلة (ص).
جلد: 2، صفحه: 1198
(من الجناب الإلهیّ‌1، فأثبتوا ما اثبته العقل2، و زادوا3 فیما لا یستقل العقل بادراکه4، و ما یحیله العقل رأسا5 و یقرّبه فی التجلّی الالهیّ‌6).
و إنّما کانوا أعقل الخلائق و أکملهم لأنّهم کانوا منوّرین بالأنوار الإلهیّة، مشاهدین للحقائق على ما هی علیها، لذلک أخبروا عن الجناب الإلهیّ بما لا یستقل العقل بادراکه، و ما یحیل7 نسبته إلى اللّه من حیث نظره لاعطاء التجلى ذلک و اقراره بحقیقته.
(فإذا خلا بنفسه بعد التجلّی حار فیما رآه).
لأنّه رجع إلى بشریته بارتفاع حکم التجلّی عنه، و غلب علیه عقله المانع من ذلک، و هو لا یشکّ فیما رآه فتحصل الحیرة.
(فإن کان عبد ربّ ردّ العقل إلیه، و إن کان عبد نظر ردّ الحقّ إلى حکمه8).
أی، فإن کان المتجلّى له عبد الحقّ ردّ عقله إلیه، و إن کان عبد العقل ردّ الحقّ إلى حکم العقل و نزّله، کما نشاهده الیوم فی العلماء الظاهریین أنّهم إذا سمعوا آیة من الآیات، أو خبرا من الأخبار الدالة على طور فوق طور العقل، یأوّلون ذلک و ینزّلونه إلى ما تحکم به عقولهم.
(و هذا9 لا یکون إلاّ مادام فی هذه النشأة الدنیاویّة محجوبا عن نشأته الاخراویّة فی 
________________________________________
(1) . الکاشف عن الحکم الحقّة (ص).
(2) . البعثة حسنة لاشتمالها على فوائد کمعاضدة العقل فیما یدلّ علیه، و استفادة الحکم فیما لا یدلّ علیه. (التجرید، ص 346 من کشف المراد بتصحیحنا).
(3) . على ما أثبته العقل (جامی).
(4) . مجرّدا عن الوهم من الأحکام التشبیهیّة و حکمها اللازم لها (ص).
(5) . سواء کان مستقلاّ بنفسه أو مع غیره کاتّصاف العین الواحدة بالأحکام المتنافیة من حضرة تعانق الأطراف و مجمع الأضداد (ص).
(6) . لظهوره بما لا یمکن أن یتطرّق إلیه شبهة من بین یدیه و لا من خلفه (ص).
(7) . و الصواب أن یقال: و ما یحیل نسبته الى الله من حیث نظره و إن کان یقرّ بحقیقته فی التجلّی الإلهی لاعطاء التجلّی ذلک.
(8) . أی إلى حکم العقل (جامی).
(9) . أی الردّ على العقل (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1199
الدنیا، فإنّ العارفین یظهرون هنا کأنّهم فی الصور الدنیاویّة لما یجری علیهم من أحکامها1، و اللّه تعالى قد حوّلهم فی بواطنهم فی النشأه الاخراویّة، لابدّ2 من ذلک، فهم بالصورة مجهولون3 إلاّ من کشف اللّه عن بصیرته فادرک4).
أی، و هذا الردّ إلى العقل لا یکون إلاّ مادام المتجلّى له فی هذه النشأة الدنیاویّة محجوبا عن نشأته الاخراویّة، فإن ارتفع عنه الحجاب و اطّلع على ما فی نشأته الاخراویّة اطّلاعا شهودیّا و هو فی الدنیا فحینئذ لا یبقى للعقل معه نزاع فیما أدرک من التجلّی، و لا یحتاج إلى الردّ إلى مقامه و لا تحصل له الحیرة.
فإنّ العارفین المکاشفین للحقائق بالتجلّیات الإلهیّة ظاهرون فی الدنیا بالصورة، و تجری علیهم أحکام ما یتعلّق بموطن الدنیا، و اللّه تعالى حوّل قلوبهم إلى النشأة الاخراویّة، فهم بالصورة فی الدنیا و بالباطن فی الآخرة، و لا یعرفهم إلاّ من کشف اللّه عن بصیرته الغطاء و رفع عن عینه الحجاب، کما قال تعالى: «أولیائی تحت قبابی لا یعرفهم غیری5»

________________________________________

(1) . أی أحکام الدنیا.
(2) . أی لا بدّ للعارف من ذلک حتّى یکون عارفا (ص).
(3) . لا یظهرون لأحد (جامی).
(4) . أشخاصهم و أحوالهم (جامی).
(5) . إحیاء العلوم ج 4 ص 256.