عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

(و أمّا حکمة إلقائه فی التابوت و رمیه فی الیمّ‌، فالتابوت1 ناسوته2 و3).
أی: التابوت إشارة إلى ناسوته (و الیمّ‌) إشارة إلى (ما حصل له4 من العلم بوساطة هذا الجسم ممّا أعطته القوّة النظریّة الفکریّة5، و القوى الحسیّة و الخیالیّة6 التی لا یکون شیء منها) أی: من تلک القوى (و لا من أمثالها لهذه النفس الانسانیّة إلاّ بوجود هذا الجسم العنصری).
لأنّ کلّ واحدة منها حقیقة برأسها کالنفس الانسانیة نزلت لخدمتها فی هذه النشأة العنصریة، و سجدت لها، و انقادت لأمر ربّها.
(فلمّا حصلت النفس فی هذا الجسم، و أمرت بالتصرّف فیه و تدبیره، جعل اللّه لها هذه القوى الآت لتتوصل بها إلى ما أراده اللّه منها) أی: من النفس (فی تدبیر هذا التابوت7 الذی فیه سکینة الربّ‌).
و إنّما کانت السکینة فیه؛ لأنّ الامور الکلّیة و المعانی الحقیقیّة لا تزال تتحرّک بالمحبّة 
________________________________________
(1) . بلسان الإشارة (جامی).
(2) . أی صورته الإنسانیّة (جامی).
(3) . من حیث الحصر و الإحاطة (ص).
(4) . فإنّ له نسبة إلى العلم حکمة و تلویحا، أمّا الأوّل فلاشتماله على الماء الذی هو صورة العلم لکمال سعته و إحاطته (ص).
(5) . من الحقائق التنزیهیّة (ص).
(6) . من اللطائف التشبیهیّة کما وقفت علیه، و أیضا الیمّ صورة طرفی الجسم و بیّناتهما، فلذلک جعله إشارة إلى العلم الحاصل من الجسم بتلک القوى؛ ضرورة أنّ تلک القوى هی التی لا یکون شیء منها (ص).
(7) . یعنی الوعاء الثابت الذی یصلح لأن یودع فیه الجسد عند سکونه عن حرکة الحیاة و اضطرابها، و صلوحه لأن یستکنّ فی القبر، الذی هو صورة القرب. هذا بحسب العرف و اللغة مطلقا، فإنّه ها هنا فی قوله تعالى: أَنْ یَأْتِیَکُمُ اَلتّٰابُوتُ فِیهِ سَکِینَةٌ مِنْ رَبِّکُمْ‌ البقرة (2):248، کنایة عن المزاج الإنسانی الذی یصلح لأن یظهر فیه الوحدة الاعتدالیّة القلبیّة الساکنة المطمئنّة عن المیول الانحرافیّة الأطرافیّة التی هی محلّ قرب الحقّ و سکینة کمال الربّ و ظهوره، و لذلک قال: «الذی فیه سکینة الربّ‌» (ص).
جلد: 2، صفحه: 1258
الذاتیّة إلى أن تصل إلى الحضرة الشهادیة، و تدخل تحت الاسم «الظاهر»، فیجد السالک فیها المعانی بصورها، و یسکن إلیها، لذلک کانت المحسوسات أجلى البدیهیات، فالیقین و العلم الذوقی و الایمان الغیبی و التجلّی الشهودی لا یحصل إلاّ فی هذه الحضرة و بواسطتها، لذلک صارت «الدنیا مزرعة الآخرة» فصارت سکینة الربّ‌.
(فرمی به فی الیمّ‌1 لیحصل بهذه القوى2 المذکورة على فنون العلم3).
أی، لیکون بها مستعلیا على أنواع العلوم الحاصلة بالحواس الظاهرة و الباطنة، یقال: «حصل فلان على عرشه» إذا استعلى علیه.
(فأعلمه) أی: أعلم الحقّ موسى بوضعه فی التابوت و إلقائه فی الیمّ (بذلک)4 أی: 
بذلک الرمی (أنّه) أی: أنّ الشأن.
(و إن کان الروح المدبّر له هو الملک، و أنّه لا یدبّر5 إلاّ به6).
أی، فإنّ الروح المدبّر له لا یدبّره إلاّ بواسطة هذا التابوت.
(فأصحبه هذه القوى الکائنة فی هذا الناسوت، الذی عبّر عنه7 بالتابوت فی باب الاشارات8 و الحکم9).
________________________________________
(1) . العلمی المحیط بالکلّ (ص).
(2) . قوّة مسلطة قادرة على فنون العلم (ص).
(3) . ذوقیّة و برهانیّة، بدیهیّة و کسبیّة، کتابیّة و کلامیّة، رقمیّة و لفظیّة، تشبیهیّة و تنزیهیّة، فإنّ هذه الفنون من العلوم أنّما تستحصل إذا ألقى موسى النفس إلى تابوت الناسوت و ألقى فی یمّ مدارکه الجسمانیّة، ثمّ من جملة ما علم من هذه الحکمة الجهة الارتباطیّة التی بین الروح و الجسد الجسمانی، و إلیه أشار بقوله: «فاعلمه» (ص).
(4) . أی التابوت (ص).
(5) . فی مدینة جمعیّته الإنسانیّة (ص).
(6) . أی لا یدبّر هذا الجسم الموسوی الکمالی تدبیرا یوصله إلى غایته النوعیّة و کماله الحقیقی الذی هو صلوحه لأن یکون سکینة للرّب إلاّ به، باعتبار استجماع هذا الجسم المنور بتدبیر الملک صنوفا من القوى و الجوارح (ص).
(7) . عند استشعار التدبیر الربطی منه (ص).
(8) . الإلهیّة (جامی).
(9) . الربانیّة (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1259
على صیغة الجمع، أی: جعل اللّه الروح مصاحبا لهذه القوى الحالّة فی البدن، الذی عبّر الحقّ سبحانه عنه بالتابوت فی باب الاشارات، أی: هذا المعنى ثابت فی باب الاشارات الربانیّة و الحکم الإلهیّة.