عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

(کذلک تدبیر الحقّ العالم، فإنّه ما دبّره إلاّ به).
أی، بالعالم؛ إذ لو لا الأعیان القابلة للتدبیر ما کان التدبیر، و من تدبیر الحقّ العالم بالعالم جعل بعضها متوقفا على البعض، کتوقف المسببات على أسبابها و المراد بقوله:
(أو بصورته).
الأعیان الثابتة التی هی الصور العلمیّة للعالم، کما فسّرها من بعد و جعل الأعیان عین الاسماء الحسنى، و لو لا تفسیره رض قوله: (أو بصورته) بما ذکر لفسّرناه بالانسان الکامل، فإنّه على صورة الحقّ‌1 و صورة العالم و کان حسنا.
فشبّه تدبیر الحقّ للعالم بتدبیر الروح للبدن، فکما أنّ الروح یدبّر بدنه بعین البدن؛ إذ لو لا الأعضاء البدنیّة و قواها ما کان یحصل التدبیر، کذلک الحقّ مدبّر للعالم بعین العالم.
و کما أنّ الروح روح لبدنه کذلک الحقّ روح للعالم، و کما أنّ الروح یدبّر البدن بقواه کذلک الحقّ یدبّر العالم بأسمائه و صفاته، فنسبة الحقّ إلى العالم، و نسبة العالم إلیه کنسبة الروح إلى البدن، و نسبة البدن إلى الروح.
(فما دبّره إلاّ به) أی: فما دبّر الحقّ العالم إلاّ بالعالم.
(کتوقف الولد على ایجاد الوالد، و المسببات2 على أسبابها،3 و المشروطات على 
________________________________________
(1) . إنّ اللّه سبحانه یدبّر العالم بالإنسان الکامل فإنّه على صورة الحقّ و صورة العالم.
(2) . أی کتوقّف المسبّبات على أسبابها (جامی).
(3) . کتوقف السریر على النجّار و الخشب و تخیّل صورته و غایته، و لکنه مع ذلک یحتاج إلى عدم المانع و وجود المقتضی، و هو المعبّر عنه بالشرط (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1260
شروطها، و المعلولات على عللها1، و المدلولات على أدلّتها و المحقّقات2) على صیغة المفعول (على حقائقها، و کلّ ذلک من العالم3).
أی، جعل بعضها واسطة فی تدبیر البعض الآخر و سببا.
(و هو4 تدبیر الحقّ فیه، فما دبّره5 إلاّ به)6.
«هو» عائد إلى التوقف، أی: جعله بعض العالم موقوفا على البعض، تدبیر من الحقّ فی العالم، فما دبّر الحقّ العالم إلاّ بالعالم.
(و أمّا قولنا: «أو بصورته» أعنی: صورة العالم، فأعنی به) أی: بقولنا: 
صورة العالم (الاسماء الحسنى، و الصفات العلى التی یسمّى الحقّ بها7 و8، و اتصف بها)9.
أطلق الأسماء10 على الأعیان التى هی صور الأسماء فی العلم، و هی النّسب المعنویّة کما مرّ مرارا، فالحقّ یفیض المعانی على الأعیان القابلة لها بواسطة أسمائه و صفاته التی هی النّسب العقلیة، و یدبّر بواسطة الأعیان العلمیّة الأرواح الخارجیّة، و بواسطتها النفوس المنطبعة، و بها الأبدان الشخصیّة.
فالأعیان أرواح للارواح، و هی لها کالأبدان للأرواح کما مرّ فی المقدّمات، فتظهر ربوبیّة الربّ فی جمیع مراتب الوجود، فما دبّر العالم إلاّ بالعالم.
(فما وصل إلینا من اسم یسمّى به إلاّ وجدنا معنى ذلک الاسم و روحه فی 
________________________________________
(1) . التامّة کتوقّف وجود النهار على طلوع الشمس (جامی).
(2) . أی الأشخاص على حقائقها النوعیّة التی هی عینها خارجا و عقلا و ظاهرا و باطنا (جامی).
(3) . و الارتباط الوحدانی منه بین الأفراد (ص).
(4) . أی جعل الحق [العالم - ظ] موقوفا بعضه على بعض (جامی).
(5) . أی العالم (جامی).
(6) . أی بالعالم (جامی).
(7) . أی بالأسماء الحسنى، و اتّصف بها، أی بالصفات العلى.
(8) . باسم حسن (جامی).
(9) . بصفة علیا (جامی).
(10) . لأنّ الأسماء لا تکون صورة بل الأعیان تکون صورة علمیّة.
جلد: 2، صفحه: 1261
العالم1 و2، فما دبّر3 العالم4 أیضا إلاّ بصورة العالم5 و6 و7).
معنى الاسم و روحه الصفة التی هی الممیّزة له عن غیره، و جمیع الصفات التی هی أرواح الاسماء الواصلة الینا من الحیاة و العلم و الارادة و القدرة و غیر ذلک، حاصلة فی العالم ثابتة له، و الاسماء و الصفات من حیث تکثّرها و امتیازها عن الذات الأحدیّة ملحقة بالعالم، فصحّ أنّه تعالى ما دبّر العالم إلاّ بالعالم.
(و لذلک) أی: و لأجل أنّه تعالى دبّر العالم بالعالم جعل آدم خلیفة على العالم، و دبّر العالم به.
(و قال فی حقّ آدم الذی هو البرنامج)8.
«البرنامج» فارسی معرّب أصله البرنامه، و بر بالفارسیة هو الصدر، أی: صدر 
________________________________________
(1) . و من البیّن أنّ الاسم صورة لمعناه و روحه، فإذا کان معناه و روحه ممّا فی العالم یکون هو صورة ما فی العالم (جامی).
(2) . إشارة إلى بیان کونه صورة؛ و ذلک أنّ المعنیّ من معنى الشیء هو طرف خفائه و اندماج أحکامه و آثاره و ما یقرب إلى العدم منه، و بیّن أنّ الصورة الکونیّة بهذه النسبة أولى من الوجودیّ‌، فإنّ معنى الأسماء حقیقة هو الأعیان الکونیّة و إن کان بحسب مدارکنا إذا قسنا إلى الترتیب الواقع فیها ظهر الأمر على عکس ذلک، و لکنّ الکلام - هاهنا - أنّما هو بحسب الأمر نفسه لا بحسب المدارک و المجالی، فإنّها نسب تتخالف بالاعتبار (ص).
(3) . اذا دبّره بأسمائه الحسنى أیضا إلاّ بصورة العالم، و کما أنّ الأسماء الحسنى و الصفات العلیا صورة العالم کذلک هی صورة الحضرة الإلهیّة (جامی).
(4) . فی لسان التفصیل (ص).
(5) . ثمّ إنّ مجموع الصورتین بأحدیّة جمع الصور أنّما هو صورة الحقّ‌، و آدم هو الجامع بینهما (ص).
(6) . لیس المراد بصورة العالم صورته الشخصیّة و إلاّ رجع إلى القسم الأوّل و لم یطابق تفسیره، بل الصورة النوعیّة العقلیّة و هی الأسماء الحسنى و حقائقها التی هى الصفات العلیا، فإنّ صوره العالم مظاهر الأسماء، و الصفات فهی صورته الحقیقیّة الباطنة و المحسوسات صورته الشخصیّة الظاهرة (ق).
(7) . یعنی رض أنّ الأسماء الإلهیّة، کالحیّ و العالم و المرید و الخالق و القادر و الرزّاق التی تسمّى بها حقائقها و أرواحها هی الحیاة و العلم و الإرادة و القدرة و الخلق و الرزق، و هی موجودة فی الحیّ و العالم و المعلوم و المراد و المقدور و المخلوق و المرزوق فی العالم، فما دبّر العالم إلاّ بصورته، و هی الهیأة الاجتماعیّة من الأسماء الإلهیّة (جندی).
(8) . معرّب «برنامه» بالفارسیّة. و فی بعض النسخ: «هو الأنمونامج» معرّب «نمودنامه» و على التقدیرین هو العنوان الجامع لما فی صحیفة الکتاب من السلام و الأوصاف و الأحکام، فإنّ آدم أیضا هو الجامع لنعوت (ص).
جلد: 2، صفحه: 1262
المکتوب، و المراد به الأنموذج، و هو أیضا معرّب نمودار.
(الجامع لنعوت الحضرة الإلهیّة التی هی الذات و الصفات و الأفعال، «إنّ اللّه خلق آدم على صورته» و لیست صورته) أی: صورة الحقّ (سوى الحضرة الإلهیّة1) و هی حضرة الأسماء و الصفات.
(فأوجد فی هذا المختصر الشریف2 - الذی هو الانسان الکامل - جمیع الأسماء الإلهیّة3) التی هی النّسب الذاتیّة.
(و حقائق ما خرج عنه فی العالم الکبیر4 المنفصل5، و جعله6 روحا للعالم7 و8، فسخّر له العلو9 و السفل10 لکمال الصورة11 و12) التی خلقه اللّه علیها.
و إنّما قال: (و حقائق ما خرج عنه فی العالم الکبیر)، لأنّ جمیع ما فی العالم لیست 
________________________________________
(1) . الظاهر بها آدم، فهو مثله و لیس کمثله شیء (ص).
(2) . الممتزج به صور التفاصیل امتزاجا تنعکس به نسبة بعضها إلى البعض به یأنس الکلّ‌، ضرورة أنّ الاختصار یوجب قرب الأجزاء، و القرب یستلزم الأنس، فحیثیّة الاختصار فیه هو مبدأ تسمیته بالإنسان (ص).
(3) . التی هی الصورة الوجودیّة للعالم (ص).
(4) . أی أوجد فیه حقائق الأشیاء الخارجة عن الإنسان فی العالم الکبیر المنفصل عنه، فإنّ أجزاء العالم - کالسماوات و العناصر و المعادن و النبات و أصناف الحیوان - لیست موجودة فی الإنسان بصورها و أشخاصها، و لکن حقائقها التی هی بها هی کالأرواح و النفوس الناطقة و المنطبعة و الطبائع العنصریّة و الصور الجسمیّة المادیّة و القوى المعدنیّة و الحیوانیّة بأسرها، و بالجملة الجواهر و الأعراض کلّها موجودة فیه، فیصحّ أنّه تعالى أوجد جمیع ما فی الحضرة الإلهیّة و جمیع حقائق العالم بأعیانه و أجزائه فی الإنسان الکامل (ق).
(5) . بعضها عن البعض، فإنّها أعیان مفردة متمایزة بالذات کثیرة و هی الصور الکونیّة للعالم، فللإنسان الصورة الکاملة الجامعة بین الجمع الوجودی و التفرقة الکونیّة (ص).
(6) . باعتبار تلک الجمعیّة (جامی).
(7) . مقوّما لأعیانه المتفرّقة المنفصلة بالذات، بأن یصیر ذلک الکثیر شخصا واحدا تقوم الروح الحیوانی جسده (ص).
(8) . بأن صیّر ذلک الکثیر شخصا واحدا تصیر أرواح الأعضاء المتکثّرة جسدا واحدا (جامی).
(9) . و هو طرف اللطائف الروحانیّة و المجرّدات (ص).
(10) . و هو طرف الکثائف الجسمانیّة و المتعلّقات بالموادّ الهیولانیّة (ص).
(11) . الجامعة بین الکیانیّة من الصور و الإلهیّة منها، و بهذا الکمال یطلق علیه المثلیّة (ص).
(12) . و جامعیّتها الصور الإلهیّة و الکونیّة (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1263
موجودة فی الانسان بحسب صورها، بل بحسب حقائقها و أعیانها التی هی بها هی.