عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

عرفان شیعی

عرفان اسلامی در بستر تشیع

شرح القیصری علی فصوص‌الحکم (حسن‌زاده الآملی):

(فالهدى هو أن یهتدی الانسان إلى الحیرة1 فیعلم أن الأمر حیرة)2.
و إنّما جعل الاهتداء إلى الحیرة عین الهدایة، لأنّ الحیرة الحاصلة من الهدایة و العلم أنّما تحصل من شهود وجوه التجلّیات المتکثّرة المحیّرة للعقول و الأوهام، و ظهور الأنوار الحقیقیّة العاجزة عن إدراکها البصائر و الأفهام، و ذلک عین الهدایة، لذلک قال أکمل البشر: «ربّ زدنی فیک تحیّرا» أی: هدایة و علما.
فإنّ وجود اللاّزم3 یستلزم وجود الملزوم4، بخلاف الحیرة الحاصلة من الجهل فإنّها الحیرة المذمومة، لذلک جعل الضلال الموجب للحیرة المذمومة فی مقابلة الهدى الموجب للحیرة المحمودة.
(و الحیرة قلق5 و حرکة) أی: تعطی القلق و الاضطراب.
(و الحرکة حیاة6) أی: تستلزم الحیاة، لأنّ الحرکة لا تحصل إلاّ من الحیّ‌.
(فلا سکون، فلا موت).
أی، فإذا کانت الحرکة حاصلة دائما فلا سکون لمن تحرّک، و إذا لم یکن له السکون فلا موت له؛ لأنّ السکون من لوازم الموت، ألا ترى أنّ سکون النبض کیف یصیر علامة للموت.
________________________________________
(1) . راجع مصباح الأنس ص 290 فی أقسام الحیرة بتفصیل.
(2) . و ذلک لأنّ النقائص و الأضداد متعانقة فی الوحدة الحقیقیّة و الهویّة الإطلاقیّة، و تقابل الأحکام ممّا یوجب الحیرة ضرورة، هذا من جهة المسلک و علم أنّه لیس ینقطع به السلوک، و کذلک من جهة السالک لا یمکن أن یقعد عن السلوک فإنّ الأمر حیرة (ص).
(3) . أی الحیرة.
(4) . أی العلم.
(5) . أی و الحیرة فیها قلق (جامی).
(6) . أی و الحرکة فیها حیاة (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1266
(و وجود، فلا عدم1).
عطف على قوله: (حیاة)، أی: الحرکة حیاة و وجود، و إذا کانت الحرکة مستلزمة للوجود فلا عدم، لأنّهما لا یجتمعان فی محلّ واحد، و الحاصل: أنّ الهدایة تعطی البقاء الأبدی.
(و کذلک فی الماء الذی2 به حیاة الأرض).
أی، کما أنّ الحیاة العلمیّة تعطی الهدایة و السیر فی الناس فتؤدی إلى البقاء الأبدی، کذلک الأمر فی الماء الطبیعی الذی به حیاة الأرض و هی البدن.
(و حرکتها3 قوله: اِهْتَزَّتْ‌).
أی، فالاشارة إلى حرکتها، أی: إلى حرکة الأرض التی هی البدن الانسانی، قوله: «اهتزت» فی قوله تعالى: وَ تَرَى اَلْأَرْضَ هٰامِدَةً فَإِذٰا أَنْزَلْنٰا عَلَیْهَا اَلْمٰاءَ اِهْتَزَّتْ وَ رَبَتْ وَ أَنْبَتَتْ مِنْ کُلِّ زَوْجٍ بَهِیجٍ‌4.
(و حملها5 قوله وَ رَبَتْ‌).
أی، الاشارة إلى حملها، أی: حمل الأرض التی هی البدن قوله: وَ رَبَتْ‌ أی: 
ازدادت.
(و ولادتها6) أی: و الاشارة إلى ولادة الأرض المذکورة (قوله: وَ أَنْبَتَتْ مِنْ کُلِّ زَوْجٍ بَهِیجٍ‌، أی: أنّها7) أی: أنّ الأرض (ما ولدت إلاّ من یشبهها8، أی: طبیعیّا 
________________________________________
(1) . و الحاصل أنّ العلم یعطی الهدایة، و الهدایة تعطى الحیرة، و الحیرة توجب الحرکة، و الحرکة فیها الحیاة و الوجود، فلا موت فیها و لا عدم، فیعطی العلم البقاء الأبدی (جامی).
(2) . بحسب الظاهر سبب خراب الأرض و هدم صورة جمعیّتها (ص).
(3) . أی حرکة الأرض اللازمة لحیاتها ما یدلّ علیه فاهتزّت (جامی).
(4) . الحج (22):5.
(5) . الذی أعطاه إنزال الماء علیها إنزال النطفة على المرأة ما یدلّ علیه قوله: وَ رَبَتْ‌ أی ازدادت (جامی).
(6) . بعد حملها ما یدلّ علیه قوله: وَ أَنْبَتَتْ (جامی).
(7) . أی الأرض (جامی).
(8) . ما ولدت إلاّ من یشبهها (کما فی جمیع النسخ المصحّحة عندنا). - ما یشبهها - خ ل.
جلد: 2، صفحه: 1267
مثلها، فکانت الزوجیّة التی هی الشفعیّة لها1، بما تولّد منها و ظهر عنها).
أی، فحصلت الزوجیة التی هی المسمّاة بالشفعیّة لها اى لأرض البدن بواسطة ما تولّد منها، و ظهر عنها.
(کذلک وجود الحقّ‌2، کانت الکثرة له، و تعداد الأسماء أنّه کذا3 و کذا، بما ظهر عنه من العالم4 الذی یطلب بنشأته5 حقائق الأسماء الإلهیّة)6.
کذلک الکثرة حصلت لوجود الحقّ بواسطة ما ظهر منه من وجود العالم؛ لأنّه یطلب بحقیقته و نشأته المرتبیّة حقائق الأسماء الإلهیّة، و هی7 الأرباب المتکثّرة.
(فثبت به و بخالقه أحدیّة الکثرة)8 و9 و10 و11.
أی، فثبت بالعالم و الحقّ الذی هو خالقه - أی بهذا المجموع - أحدیّة الکثرة، کما مرّ فی الفصّ الاسماعیلی: «أنّ مسمّى اللّه أحدیّ بالذات کلّ بالاسماء و الصفات»، و صحّف بعض الشارحین قوله: (و بخالقه)، و قرأ «یخالفه» من الخلاف، و هو خطأ.
(و قد کان12 أحدیّ العین من حیث ذاته، کالجوهر الهیولانی13 أحدیّ العین من 
________________________________________
(1) . أی حاصلة للأرض (جامی).
(2) . الذی هو أحدیّ العین کالأرض الهامدة (جامی).
(3) . أی له تعدّد الأسماء.
(4) . ظهور ما أنبتته الأرض من کلّ زوج بهیج، فإنّ العالم هو الذی یطلب الخ (جامی).
(5) . الحاملة للقوابل کلّها (جامی).
(6) . أی التی کالأزواج النباتیّة من أرض تلک القابلیّات (جامی).
(7) . أی الحقائق.
(8) . أی شیء واحد کثیر.
(9) . أی و بخالقه ما ظهر عنه من العالم أحدیّة الکثرة التی لذاته (ق).
(10) . الأسمائیة (جامی).
(11) . یشیر رض إلى أنّه کما شفّعت النتائج و الثمرات أصولها، کذلک کثرة الأسماء شفّعت أحدیّة وجوه الحقّ‌، فإنّ الأسماء تثبت للوجود الحقّ بالعالم؛ إذ هو المألوه و المربوب المقتضى وجود الربوبیّة و الإلهیّة، و هما لا تکونان إلاّ بالأسماء (جندی).
(12) . قبل هذا الطلب (ص).
(13) . الذی هو أحدی العین (ص).
جلد: 2، صفحه: 1268
حیث ذاته کثیر بالصور الظاهرة فیه، الذی هو حامل لها بذاته)1.
أی، و قد کان الخالق أحدیّ العین من حیث ذاته کثیرا من حیث أسمائه و صفاته، کما أنّ الجوهر الهیولانی2 الحامل لصور الاشیاء کلّها أحدیّ بالذات کثیر بالصور الظاهرة فیه.
(کذلک الحقّ بما ظهر منه من صور التجلّی).
أی، کذلک الحقّ أحدیّ من حیث ذاته کثیر بسب ما ظهر منه من صور تجلّیاته، التی هی الاسماء و الصفات.
(فکان الحقّ مجلى صور العالم مع الأحدیّة المعقولة) و ذلک باعتبار أنّ ذاته مرآة تظهر فیها صور الأعیان العلمیّة و العینیّة.

________________________________________

(1) . فإنّه من حیث أحدیّة عینه محیط بالصور الکثیرة إحاطة الحامل بالجنین، و من هاهنا ترى کلمة المشّائین و غیرهم من الحکماء متّفقة على أنّ وحدة الهیولى شخصیّة لا غیر (ص).
(2) . المراد من الجوهر الهیولانی هو النفس الرحمانی کما تقدّم فی الفصل الرابع من المقدّمات.