شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
و لمّا کان لا یلقى) أی: المؤمن (الحقّ إلاّ بعد الموت کما قال علیه السّلام:
«إنّ أحدکم لا یرى ربّه حتّى یموت»، لذلک قال تعالى: «و لا بدّ له من لقائی»).
جواب «لمّا» قوله: (لذلک) متعلّق ب «قال».
(فاشتیاق الحقّ لوجود هذه النسبة5 و6).
أی، فاشتیاق الحقّ أنّما هو لحصول هذه الصفة، و هی الاشتیاق فی المظاهر المنقادة لأوامره و نواهیه.
(یحنّ الحبیب إلى رؤیتی و إنّی إلیه أشدّ حنینا
و تهفو النفوس7 و8 و یأبى القضاء9فأشکو الأنین10 و یشکو الأنینا)11
________________________________________
(5) . أی إلى وجود هذه الصفة النسبیّة إلى لقاء العبد (جامی).
(6) . الجمعیّة التی هی غایة هذه النشأة الکمالیّة و منتهى أمرها.
ثمّ لیعلم أنّ الحقّ فی لسان الظاهر هو المحبوب على ما دلّ علیه هذا المساق و إن کانت نسبة المحبّیة و المحبوبیّة إلیه على السواء، کما هو مؤدّى قوله تعالى یُحِبُّهُمْ وَ یُحِبُّونَهُ المائدة (5):54، و لکن إذا تکلّمت بلسان الکثرة العبدیّة، و هو بعد استکمال العبد وجودا و شرع فی طیّ مسالکه شهودا، فالحقّ هو المحبوب لیس إلاّ، على ما أشار إلیه یُحِبُّونَهُ.
و إذا تکلّمت بلسان الوحدة الحقیقیّة، متوجّهة فی قوس تنزّلها الوجودی إلى استکمال العبد، هو المحبّ، على ما أو مأ إلیه: یُحِبُّهُمْ و لذلک تراه إذ قد أفصح عمّا عبّر عنه اللسان الأول بصورة الحدیث القدسی، أشار إلى ما نطق به اللسان الثانی بصورة النظم الکونیّ؛ جمعا بین اللسانین و إفصاحا عن موادهما، فلا تغفل، و هو قوله: «یحنّ الحبیب» (ص).
(7) . أی تخفق، من «هفا الطیر»، إذا خفق للطیران (ص).
(8) . أى تضطرب بشوق لقائی (جامی).
(9) . من تلک الرؤیة، فإنّه قدّر لکلّ أحد أجلا معیّنا لا یمکن تقدیمه و لا تأخیره (جامی).
(10) . من التحنّن إلى حلول الأجل (جامی).
(11) . یظهر من شرح الجندی أنّ الشعر للشیخ الأجلّ.
جلد: 2، صفحه: 1338
هذا عن لسان الحقّ من مقام الشوق، أی: تضطرب النفوس و تطلب رؤیتی، و لکن یأبى القضاء الإلهی و التقدیر الرحمانی عن تلک الرؤیة إلى أن یحلّ الأجل، فإنّ القضاء و القدر قدّر و عیّن لکلّ أجل وقتا معیّنا لا یمکن تقدیمه و لا تأخیره، و إذا کان کذلک فأشکو من الأنین إلى وقت الأجل، و یشکو المحبّ الأنینا.
(فلمّا أبان أنّه نفخ فیه من روحه، فما اشتاق إلاّ لنفسه1)
(أی، فلمّا أظهر الحقّ أنّه نفخ فی هذا المجلى الانسانی من روحه، علم أنّه ما اشتاق إلاّ لنفسه و هویته المتعیّنة بالتعیّنات الخلقیّة.
(ألا تراه خلقه على صورته2 و3، لأنّه من روحه4).
أى، ألا ترى الانسان کیف خلقه اللّه على صورته، و إنّما خلقه علیها لکونه نفخ فیه من روحه.
________________________________________
(1) . فإنّ الروح من کلّ شیء هو نفس ذلک الشیء و عینه (ص).
(2) . أی صفته (جامی).
(3) . فإنّ روح الشیء هو الذی یستجلب صورته الخاصّة به، کما تراه عند ظهور الاعتدال الهوائی الذی هو روح النبات فی الربیع، کیف یستجلب روح کلّ واحد منه على التفصیل ما یتصوّر به من الصورة الخاصّة به فی الحسّ. و هذا الأصل یقتضی أنّ الإنسان على صورة اللّه؛ لأنّه من روحه. ثمّ إنّ النفخ الذی عبّر به فی الکلام المنزّل الختمی عن إفاضة الروح و نسبة تقویمه الأجساد و إخراجها عن مکا من القوّة - نسبتان: له نسبة إلى المنفوخ فیه، و نسبة إلى النافخ به، قد أشار إلیهما مفصّلا:
أمّا النسبة الأولى فهی المشار إلیها بقوله: «و لمّا کانت نشأته...» و أمّا النسبة الثانیة فهی المشار إلیها بقوله: «و کنّى عنه بالنفخ» (ص).
(4) . الذی هو نفس هویّته (جامی).