شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(فإنّ الحقّ غیور على عبده)، فیغار علیه (أن یعتقد أنّه یلتذ بغیره7).
أی، بما وقع علیه اسم الغیریّة و السوى، و اتصف بالحدوث و الامکان، و إن کان فی الحقیقة عین الرحمن.
________________________________________
(7) . فإنّ الصور الاعتقادیّة - و إن کانت غیر مطابقة للواقع - لها ظهور فی مرتبة من مراتب الوجود و سلطان فیها، فرتّب اعتقاد الالتذاذ بالغیر - من المناکحین على تلک الشهوة الموجبة للالتذاذ المذکور - حدثا لا یتمکّن العبد معه عن أداء العبادات و التزام التقرّبات فطهّره بالغسل (ص).
جلد: 2، صفحه: 1344
و إنّما قال: (أن یعتقد أنّه یلتذّ بغیره) فإنّ العارف المعتقد - حال التذاذه به أنّه یلتذّ بالحقّ الظاهر فی تلک الصور - هو مشغول بالحقّ لا غیر، فلا غیرة حینئذ.
لکن1 لمّا کانت تلک الصور متعیّنة ممتازة عن مقام الجمع الإلهیّ الکمالی، متسمة بسمة الحدوث محلّ النقائص و الأنجاس، أوجب علیه الغسل لیطهّره ممّا اکتسب بالتوجّه إلیها و الاشتغال بها من النقائص، و إلیه أشار بقوله:
(فطهّره بالغسل لیرجع2) العبد (بالنظر3 إلیه) أی: إلى الحقّ، فیشاهد الحقّ (فیمن فنى فیه) و هو المرأة (إذ لا یکون4 إلاّ ذلک5 و6).
أی، طهّره لیرجع إلى الحقّ؛ إذ لابدّ7 من الرجوع إلیه و شهود ذاته، فإن کان الرجوع إلیه فی هذه الحیاة الدنیویّة فیحصل الشهود فیها، و إلاّ فی الآخرة کما مرّ.
(فإذا شاهد الرجل الحقّ فی المرأة8 کان شهوده فی منفعل9).
لأنّ المرأة محلّ الانفعال.
(و إذا شاهده10 فی نفسه من حیث ظهور المرأة عنه11 شاهده فی فاعل12).
________________________________________
(1) . هذا دفع دخل، و هو أن یقال: فلم وجب الغسل على العارف.
(2) . أی العبد عن هذا الاعتقاد (جامی).
(3) . أی إلى النظر إلیه (جامی).
(4) . فی الواقع (جامی).
(5) . أی الالتذاذ بالحقّ لا بالغیر (جامی).
(6) . أی لا یمکن أن یکون فناء العبد إلاّ فیه، فإنّ الغیر لاحظّ له من الوجود، فإذا عرفت أنّ الملتذّ منه بهذا المدرک و غیره من المدارک مّن هو؟ فأراد أن ینبّه إلى وجه تعیین الشارع بعض المحالّ بالحلّیة - کالنساء - و غیرها بالحرمة قائلا: «فإذا شاهد الرجل الحقّ» (ص).
(7) . هذا معنى قوله: «لا یکون إلاّ ذلک».
(8) . من حیث صدورها عن الرجل (جامی).
(9) . من الرجل، و هو المرأة (جامی).
(10) . أی الرجل الحقّ فی نفسه (جامی).
(11) . أی عن الرجل (جامی).
(12) . و هو الرجل، و هذان الشهودان أنّما کانا للرجل مع استحضاره صورة ما تکوّن عنه، و أمّا إذا شاهده من نفسه. الخ (جامی).
جلد: 2، صفحه: 1345
أی، و إذا شاهد1 الحقّ فی نفسه و شاهد أنّ المرأة من نفسه ظهرت و هو موجدها، یکون الرجل مشاهدا للحقّ فی صورة الفاعل.
(و2 إذا شاهده من نفسه من غیر استحضار صورة ما تکوّن عنه).
أی: من غیر أن یلاحظ ظهور المرأة التی تکوّنت عن نفس الرجل.
(کان شهوده فی منفعل عن الحقّ بلا واسطة) لأنّ نفسه منفعلة عن الحقّ بلا واسطة.
(فشهوده3 للحقّ فی المرأة4 أتمّ و أکمل5 و6، لأنّه7 یشاهد الحقّ8 من حیث هو فاعل و منفعل).
أمّا وجه فاعلیة الحقّ الظاهر فی صورة المرأة فبأنّه یتصرّف و یفعل فی نفس الرجل تصرّفا کلّیا، و یجعله منقادا له محبّا لنفسه.
و أمّا وجه انفعالیته فإنّ فی هذه الصورة محلّ تصرّف الرجل، و تحت یده و أمره و نهیه.
و یجوز أن یکون وجه فاعلیته فی المرأة کون حقیقة المرأة بعینها حقیقة الرجل؛ إذا الذکورة و الأنوثة من عوارضها، فتلک الحقیقة هی الفاعلة فیها، و هی بعینها هی المنفعلة، و هذا وجه انفعالیته9 أیضا، فصحّ أنّ شهود الرجل الحقّ فی المرأة شهود للحقّ فی الصورة الفاعلیّة و المنفعلیّة، فیکون أکمل.
________________________________________
(1) . أی الرجل.
(2) . أی و إذا شاهد الرجل الحقّ من نفسه.
(3) . أی شهود الرجل للحقّ (جامی).
(4) . حین المواقعة (جامی).
(5) . من هذه الشهودات (جامی).
(6) . ضرورة احتواء مشهدها طرفی الفعل و الانفعال اللذین قد عبّر عنهما فی الحضرات الإلهیّة بطرفی التشبیه و التنزیه (ص).
(7) . أی الرجل.
(8) . أی یشاهد الحقّ فیها (جامی).
(9) . أی الرجل.
جلد: 2، صفحه: 1346
(و من نفسه من حیث هو منفعل خاصّة).
أی، و إذا شاهده من نفسه من غیر استحضار صورة المرأة فیشاهد الحقّ من حیث إنّه منفعل، فإنّه من جملة مفعولات الحقّ و مخلوقاته، و ترک القسم الثانی و هو شهود الحقّ فی نفسه من حیث إنّه ظهرت المرأة عنه، و هو شهود الحقّ فی فاعل، اکتفاء بذکر الثالث فی شهود الحقّ من حیث إنّه فاعل و منفعل أتمّ من شهوده من حیث إنه فاعل وحده، أو منفعل وحده.