شرح القیصری علی فصوصالحکم (حسنزاده الآملی):
(و إنّما قدّم3 النساء لأنّهنّ محلّ الانفعال4، کما تقدّمت الطبیعة5 على من وجد منها بالصورة6).
أی، تقدیم النساء فی الحدیث إشارة إلى تقدّم مرتبتهنّ، لأنّهنّ محلّ الانفعال، و لا بدّ أن یتقدّم القابل على المقبول کما یتقدّم الفاعل على مفعوله.
(و لیست الطبیعة على الحقیقة إلاّ النفس الرحمانی، فإنّه فیه انفتحت صور العالم7أعلاه و أسفله، لسریان النفخة فی الجوهر الهیولانی فی عالم الأجرام خاصّة).
قد مرّ فی الفصّ العیسوی أنّ الطبیعة نسبتها إلى النفس الرحمانی8 نسبة الصورة النوعیّة التی للشیء إلیه، فقوله: (على الحقیقة) إشارة إلى أنّ العقل و إن کان یمیّز
________________________________________
(3) . فی الحدیث المذکور (جامی).
(4) . کالطبیعة، لا جرم تقدّمت فی الذکر (جامی).
(5) . بالذات (جامی).
(6) . أی بصورته المعیّنة التی استحقّها (جامی).
(7) . الجسمانی.
(8) . اعلم أنّ النفس الرحمانی و الطبیعة شیء واحد بحسب الحقیقة و تغایرهما بالاعتبار، فهذا الوجود الفعلی من حیث إنّه فائض من الواجب المتنفّس نفس، و من حیث إنّه مبدأ الفعل باعتبار إظهاره للتعیّنات و مبدأ الانفعال باعتبار تقیّده بها طبیعة کلّیة، فهذه الحالة - أی کونه مبدأ الفعل و الانفعال - أوّل تعیّن و حالة تعرض للنفس الرحمانی عروضا عقلیّا.
جلد: 2، صفحه: 1354
بین الشیء و بین صورته النوعیّة، لکنّها فی الحقیقة عین ذلک الشیء.
و قوله: (فإنّه فیه) أی: فی النفس (انفتحت صور العالم) أی: عالم الأجسام (أعلاه و أسفله) تعلیل ذلک.
أی، فإنّ الصور النوعیّة التی للعالم الجسمانی موجودة فی النفس، و هی کأفراد مطلق الطبیعة الکلّیة، و قد بان1 أنّ الصور النوعیّة التی للشیء عین ذلک الشیء فی الوجود، فالطبیعة الکلّیة عین النفس الرحمانی.
و قوله: (لسریان النفخة) تعلیل لقوله: (فإنّه فیه انفتحت صور العالم) أی:
و ذلک لسریان النفخة الإلهیّة فی الجوهر الهیولانی2 الذی هو القابل لصور الأجسام خاصّة.
و إنّما قیّدنا العالم بعالم الأجسام و إن کان عالم الأرواح أیضا صورا منفتحة فی النفس الرحمانی لقوله.
(و أمّا سریانها لوجود الأرواح النوریّة و الأعراض3، فذلک سریان4 آخر).
أی، و أمّا سریان الطبیعة فی وجود الأرواح النوریّة التی هی المجرّدات و فی الأعراض، فذلک سریان آخر؛ و ذلک لأنّ سریان النفس فی الجواهر الروحانیّة کلّها بواسطة سریان الطبیعة الجوهریّة فیها، لا بواسطة الهیولى الجسمیّة، و فی الأعراض بواسطة الطبیعة العرضیّة التی هی مظهر لنفس التجلّی الإلهیّ و ظهوره.
________________________________________
(1) . فی العیسوی.
(2) . أی الصادر الأوّل.
(3) . و الأعراض - بالعین المهملة و الضاد المعجمة - جمع عرض بفتحتین، و هی الصفات المنتقلة بالحوادث کالألوان و الطعوم و الروائح و الأضواء و الظلّم و نحو ذلک ممّا هو من تدبیرات الأرواح النوریّة العلویّة فی العوالم السفلیّة (النابلسی).
(4) . فذلک السریان لوجود الأرواح و الأعراض سریان آخر مغایر لسریان الهیولى الجسمانیّة (جامی).